• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الأصول (دورة جديدة) .
              • القسم الفرعي : مبحث العام والخاص / بحث الاصول (2022) .
                    • الموضوع : الدرس 242 _ المقصد الثالث في العام والخاص 17 .

الدرس 242 _ المقصد الثالث في العام والخاص 17

الدرس 242 _ المقصد الرابع في العام والخاص 17     

الفصل الثاني: تعريف العام وأقسامه وصيغه / المبحث الخامس: استصحاب العدم الأزلي.

·      ما ذهب إليه بعض الأعلام في المسألة.

·      لو كان المخصص موجباً لتعنون العنوان بالوجودي أو العدمي.

·      اختلاف الأعلام على أربعة آراء في تحديد موضوع العام بعد التخصيص.

·      هل من أصل عملي موضوعي ينقح الفرد المشتبه ويدخله تحت العام؟

·      ما المراد من الوجود والعدم النعتيين.

·      ما ذهب إليه صاحب الكفاية في كون العدم أزلي في مسألة القرشية في المرسلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبحث الخامس استصحاب العدم الأزلي

قال صاحب الكفاية R: «إيقاظ: لا يخفى أن الباقي تحت العام بعد تخصيصه بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل، لما كان غير معنون بعنوان خاص، بل بكل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص، كان إحراز المشتبه منه بالأصل الموضوعي في غالب الموارد ­ إلا ما شذ ­ ممكناً، فبذلك يحكم عليه بحكم العام وإن لم يجز التمسك به بلا كلام؛ ضرورة أنّه قلما لا يوجد عنوان يجري فيه أصل ينقح به أنّه مما بقي تحته؛ مثلاً إذا شك أن امرأة تكون قرشية، فهي وإن كانت وجدت إما قرشية أو غيرها، فلا أصل يحرز أنها قرشية أو غيرها، إلا أن أصالة عدم تحقق الانتساب بينها وبين قريش تجدي في تنقيح أنها ممن لا تحيض إلا إلى خمسين؛ لأن المرأة التي لا يكون بينها وبين قريش انتساب أيضاً باقية تحت ما دل على أن المرأة إنما ترى الحمرة إلى خمسين، والخارج عن تحته هي القرشية، فتأمل تعرف».

يعتبر هذا المبحث من المباحث المهمّة والدقيقة والسيّالة والمطوَّلة، إلا أنّنا سنحاول أن لا نطنب فيها، وأن نرتّبها بشكل واضح ليتبيّن لنا الإنصاف في نهاية المطاف.

حاصل كلام صاحب الكفاية: ذكرنا أنّه لا يصح التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فيما إذا كان المخصِّص لفظياً سواء كان متصلاً أم منفصلاً، فهنا يجري النـزاع في أنّه هل من أصل عملي موضوعي يمكن الركون إليه لإدخال الفرد المشكوك تحت العام؟

قيل: نعم، فإنّه بعد انقلاب موضوع العام بعد التخصيص؛ حيث أصبح مركّباً من موضوعه قبل التخصيص ومن نقيض الخاص؛ أي من أمرين وجودي وعدمي، فإذا استصحبنا العدم الأزلي لنقيض الخاص ثبت الجزء الثاني لموضوع العام. أمّا الجزء الأول، فهو ثابت بالوجدان، فيلتئم حينئذٍ موضوع العام، ويدخل الفرد المشكوك تحته. ومثاله مرسلة ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله N: «قال إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم ترَ حمرة، إلا أن تكون امرأة من قريش»[1]f97. فهنا موضوع العام بعد التخصيص مركّب من (المرأة) و(غير القرشية)، فلو شككنا في امرأة ناهزت الخمسين من عمرها، هل هي قرشية أم لا، فيمكن في هذه الصورة استصحاب عدم انتسابها إلى قريش باستصحاب العدم الأزلي؛ حيث يثبت الجزء الثاني لموضوع العام، فيما الجزء الأوّل ثابت بالوجدان، فيلتئم حينئذٍ موضوع العام، وتدخل هذه المرأة مشكوكة القرشية تحته.

إذا عرفت ذلك، فنقول:

أوّلاً: إنّ المخصِّص تارةً يكون موجباً لتعنون العام بعنوان وجودي؛ كما في التخصيص بالوصف الوجودي؛ مثل: (أكرم العلماء العدول)، فإنّ موضوع العام حينئذٍ هو (العالم العادل)، فإذا شككنا في عدالة زيد مثلاً، فإن كان له حالة سابقة؛ كالعدالة مثلاً، فتُستصحب، ونُدخل زيداً تحت العام، فيجب إكرامه، وإلا فالمرجع إلى الأصل العملي.

وتارةً أخرى يقتضي كونه معنوناً بعنوان عدمي؛ كما في الوصف العدمي؛ كما في قولك: (أكرم العلماء الذين ليسوا هم بفساق)، فالحكم فيه كما سبق، فإن كانت له حالة سابقة، فتُستصحب، وإلا فالمرجع الأصل العملي، وهذا خارج عن محلّ النـزاع؛ لأنّ الاستصحاب في هذين المثالين هو استصحاب الوجود النعتي والعدم النعتي، وإنّما الكلام في العدم الأزلي، وهو فيما إذا كان المخصِّص ذا عنوان وجودي، وموجباً لجعل الموضوع مركّباً من جزأين، أحدهما وجودي والآخر عدمي؛ كما في قولك: (أكرم العلماء إلا الفساق منهم)، أو (لا تكرم الفساق منهم)، وهذا ما أشار إليه صاحب الكفاية بقوله: «الباقي تحت العام بعد تخصيصه بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل».

ثانياً: اختلف الأعلام على أربعة آراء في تحديد موضوع العام بعد التخصيص:

­ الأوّل: وهو ما يظهر من تقريرات الشيخ الأنصاري R من أنّ موضوع العام بعد التخصيص في قولك: (أكرم العلماء إلا الفساق منهم)، أو (لا تكرم الفساق منهم)، يصبح مركّباً بحسب الفهم العرفي من أمرين وجوديين: (العالم)، و(العادل).

­ الثاني: وهو ما يظهر من عبارة صاحب الكفاية من أنّ العام بعد التخصيص يتعنون بكل عنوان ما خلا الخاص.

­ الثالث: وهو أنّ العام بعد التخصيص يتعنون بنقيض الخاص فقط، فيصبح موضوعه (العالم غير الفاسق)، كما ذهب إليه جماعة كثيرة. وقد نسبه بعض الأعلام إلى صاحب الكفاية أيضاً، ولكن عبارته لا تساعد على ذلك أصلاً.

­ الرابع: وهو ما نسب للسيد محسن الحكيم R وجماعة من الأعلام، وربما نسب لصاحب الكفاية أيضاً، ولكن عبارته لا تساعد عليه، من أنّ العام بعد التخصيص لا يتعنون بشيء، فكأنّه لم يكن هناك تخصيص أصلاً، فيكون موضوع العام قبل التخصيص وبعده واحداً؛ كما لو قال المولى: (أكرم كلّ عالم)، ثمّ مات زيد العالم، فبما أنّ خروجه من تحت العام بموته لم يحدث تغييراً في موضوع العام، كذلك في المقام، فإنّ التخصيص لم يحدث شيئاً في موضوع العام.

وقد اختُلف في مختار صاحب الكفاية ما بين الرأي الثاني والثالث والرابع دون الأوّل، والظاهر من كلامه: «لا يخفى أن الباقي تحت العام بعد تخصيصه بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل، لما كان غير معنون بعنوان خاص، بل بكل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص»، أنّه اختار القول الثاني، وهو أنّ العام بعد التخصيص يتعنون بكل عنوان ما خلا الخاص، إلا أنّ هذا القول باطل للزومه اجتماع عناوين متقابلة على معنون واحد من جهة، ومن جهة أخرى لا ينسجم مع ما ذهب إليه من استصحاب العدم الأزلي. فالأقرب حمل كلامه R على المعنى الرابع رغم ظهوره في القول الثاني؛ إذ لا يلزم منه المحظور المتقدم، كما أنّه ينسجم مع استصحاب العدم الأزلي. وأمّا ما هو الصحيح من هذه الآراء، فسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. نعم، لا إشكال في بُعد الأوّل والثاني عن الفهم العرفي، فلا يمكن القبول بهما.

وبعد أن فهمنا موضوع العام بعد التخصيص، نأتي لمحل النـزاع، وهو أنّه هل من أصل عملي موضوعي ينقِّح الفرد المشتبه ويدخله تحت العام؟ تقدم في خلاصة كلام صاحب الكفاية أنّه ذهب إلى استصحاب العدم الأزلي في المثال المتقدم؛ أي استصحاب عدم تحقق الانتساب بين المرأة وبين قريش في مرسلة ابن أبي عمير التي عمل بها المشهور؛ حيث يثبت الجزء الثاني لموضوع العام، فيما الجزء الأوّل ثابت بالوجدان، فيلتئم حينئذٍ موضوع العام، وتدخل المرأة مشكوكة القرشية تحته. ولا يجري هنا استصحاب العدم النعتي؛ أي استصحاب اتصاف المرأة بعدم القرشية؛ لأنّ صفة القرشية إمّا أن توجد من أوّل الأمر في المرأة أو لا، فلم توجد المرأة غير قرشية أوّلاً ثمّ اتصفت بالقرشية، وبالتالي ليس لها حالة سابقة لتُستصحب.

ولا بأس أن نبيِّن الآن باختصار المراد من الوجود والعدم النعتيين، والوجود والعدم الأزليين، ليتضح الفرق بينهما على أن يأتي تفصيلهما قريباً إن شاء الله تعالى.

نقول: إذا قلتَ: (زيد عادل)، فهنا زيد متصف بالعدالة، فتكون العدالة وجوداً نعتياً لزيد متفرعة عن وجود المنعوت؛ أي بمفاد كان الناقصة.

ولو قلت: (زيد غير عادل)؛ أي زيد متصف بعدم العدالة، فتكون عدم العدالة عدما نعتياً لزيد متفرعة أيضاً عن وجود المنعوت؛ أي بمفاد ليس الناقصة.

أمّا لو قلتَ: (وُجِد زيد)؛ فالوجود هنا يسمّى وجوداً محمولياً، وهو الوجود الذي يضاف إلى الماهية ويحمل عليها بعد النظر إلى الخارج، لا بما هي هي؛ لأنّ الماهية من حيث هي ليست إلا هي، لا موجودة ولا معدومة ولا غير ذلك من الصفات العارضة لها بعد النظر إلى الخارج. وبالجملة، فالوجود المضاف إلى الماهية يسمّى وجوداً محمولياً، وبمفاد كان التامة.

ولو قلتَ: (عُدِمَ زيد)، فعدم الوجود هنا يسمّى عدماً محمولياً، وهو العدم الذي يضاف إلى الماهية ويحمل عليها؛ أي بمفاد ليس التامة.

إذا عرفت ذلك، نرجع إلى كلام صاحب الكفاية في المرسلة، فهو يقول: إنّ موضوع العام فيها بعد التخصيص مركب من (المرأة)، و(عدم اتصافها بالقرشية)، لا (اتصافها بعدم القرشية)، وعدم الاتصاف بالقرشية عدم محمولي أزلي، والآن نشكّ في حدوثه، فنستصحب عدمه الأزلي، فيتحصل جزء موضوع العام الثاني، والفرض أنّ الجزء الأوّل متحصّل بالوجدان، فيلتئم موضوع العام، وتدخل المرأة مشكوكة القرشية تحته.

وبهذا اتضح ما ذهب إليه صاحب الكفاية وجماعة من استصحاب العدم الأزلي لجزء موضوع العام بعد التخصيص، فيما لو خصِّص بمخصِّص لفظي منفصل، أو كالاستثناء من المتصل.



[1] وسائل الشيعة باب31 من أبواب الحيض ج2، ص335، ح2.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3465
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 08-05-2024
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12