• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مكان المصلي / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس232 _مكان المصلي 25 .

الدرس232 _مكان المصلي 25

(1) البيداء وهي على ميل من ذي الحليفة ممّا يلي مكة، وإنّما سميت بذلك لأنّها تبيد جيش السفياني، ومن ذلك أيضاً سمّيت ذات الجيش، وقال ابن إدريس R في تعداد ما يُكره فيه الصّلاة: «والبيداء، لأنّها أرض خسف على ما رُوي في (بعض) الأخبار أنّ جيش السفياني يأتي إليها قاصداً مدينة الرسول C، فيخسف الله تعالى به تلك الأرض، وبينها وبين ميقات أهل المدينة الذي هو ذو الحليفة ميل واحد، وهو ثُلُث فرسخ فحسب، قال: وكذلك يُكره الصّلاة في كلّ أرضِ خسفٍ، ولهذا كَرِه أمير المؤمنين N الصّلاة في أرضِ بابل».

وحكى المصنّف R في الذّكرى عن بعض العلماء «أنّ البيداء هي الشرف الذي أمام ذي الحليفة ممّا يلي مكة، وكل أرض ملساء تسمَّى البيداء».

وأمَّا ذات الصَّلاصل: فعن ابن إدريس R: «هي الأرض التي لها صوت، ودوي»، وبذلك فسرها العلاَّمة في المنتهى، وقيل: إنّه الطّين الحرّ المخلوط بالرمل، فصار يتصلصل إذا جفّ، أي يصوت، ونقله الجوهري عن أبي عبيدة، ونحوه كلام القاموس.

أقول: ذات الصّلاصل اسم لموضع مخصوص في الطريق بين مكة والمدينة، قال صاحب الحدائق R: «إنّي لم أقف على تعيينه في الأخبار، ولا كلام أحد من أصحابنا الأبرار». وقيل إن ذات الصّلاصل اسم للموضع الذي أهلك فيه النمرود، والله العالم.

وأما ضَجْنان: ففي الحدائق: «ضبطه بعضهم بالضاد المعجمة المفتوحة والجيم الساكنة، اسم جبل بناحية مكة»، وفي السّرائر: «هو جبل بتهامة».

ويدلّ على كراهة الصّلاة في هذه الأماكن جملة من الرّوايات:

منها: صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله N «أنّه قَالَ: الصَّلَاةُ تُكْرَه فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ مِنَ الطَّرِيقِ: الْبَيْدَاءِ، وهِيَ ذَاتُ الْجَيْشِ، وذَاتِ الصَّلَاصِلِ، وضَجْنَانَ...»[i]f609.

ومنها: روايته الأخرى عن أبي عبد الله N «قال: اِعلم أنّه تُكره الصّلاة في ثلاثة أمكنة من الطريق: البيداء، وهي ذات الجيش، وذات الصّلاصل، وضَجْنان، وقال: لا بأس بأن يصلّى بين الظواهر، وهي الجوادّ جوادّ الطرق، ويُكره أن يصلّى في الجوادّ»[ii]f610، وهي صحيحة لأن العامري الموجود بالسند هو الحسين بن عثمان بن شريك الثقة كما هو الظاهر.

ومنها: مرسلة الفقيه «قال: رُوي أنّه لا يصلّى في البيداء، ولا ذات الصّلاصل، ولا وادي الشقرة، ولا وادي ضَجْنان»[iii]f611، وهي ضعيفة بالإرسال، والشَّقِرة ­ بفتح الشين وكسر القاف ­: واحد الشَّقر، موضع مخصوص.

ومنها: رواية حمّاد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمد عن آبائه N في وصية النبي C لعلي N «قال: ولا تصل في ذات الجيش، ولا في ذات الصلاصل، ولا في ضجنان»[iv]f612، وهي ضعيفة، لأن إسناد الصدوق إلى حماد بن عمرو، وأنس بن محمد، عن أبيه، فيه عدّة من المجاهيل، كما أنّ حمّاد بن عمرو مجهول، وأيضاً أنس بن محمد وأبوه مجهولان.

ومنها: مرسلة المفيد في المقنعة «قال: قال N: تُكره الصَّلاة في طريق مكة في ثلاثة مواضع: أحدها: البيداء، والثاني: ذات الصلاصل، والثالث: ضَجْنان»[v]f613، وهي ضعيفة بالإرسال.

ومنها: صحيح حمّاد بن عثمان وعبد الرحمان بن الحجاج جميعاً، وغيرهما عن أبي عبد الله N «قال: لا يصلّى في ذات الجيش، ولا ذات الصّلاصل، ولا البيداء، ولا ضجنان»[vi]f614.

أقول: ذات الجيش هي البيداء.

ويدلّ عليه أيضاً في خصوص البيداء صحيحة البزنطي «قَالَ: قُلْتُ لأَبِي الْحَسَنِ N: إِنَّا كُنَّا فِي الْبَيْدَاءِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَتَوَضَّأْتُ، واسْتَكْتُ، وأَنَا أَهُمُّ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ كَأَنَّه دَخَلَ قَلْبِي شَيْءٌ، فَهَلْ يُصَلَّى فِي الْبَيْدَاءِ فِي الْمَحْمِلِ؟ فَقَالَ: لَا تُصَلِّ فِي الْبَيْدَاءِ، فقُلْتُ: وأَيْنَ حَدُّ الْبَيْدَاءِ؟ فَقَالَ: كَانَ (أَبُو) جَعْفَرٍ N إِذَا بَلَغَ ذَاتَ الْجَيْشِ جَدَّ فِي السَّيْرِ، ثُمَّ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَأْتِيَ مُعَرَّسَ النَّبِيِّ C قُلْتُ: وأَيْنَ ذَاتُ الْجَيْشِ؟ فَقَالَ دُونَ الْحَفِيرَةِ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ»[vii]f615.

إن قلت: بعض الأخبار المتقدّمة ظاهره الحرمة، لوجود النهي فيها.

قلت: يتعيّن حمله على الكراهة كما يدلّ عليه ­ مضافاً إلى ظهور جملة منها ممّا وقع فيها التعبير بلفظ الكراهة ­ صحيحة أيوب بن نوح عن أبي الحسن الأخير N «قال: قلتُ له: تحضر الصّلاة والرّجل بالبيداء، قال: يتنحّى عن الجواد يمنةً ويسرةً، ويصلّي»[viii]f616، فإنّ مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار التي وقع فيها النهي عن الصّلاة في البيداء حمل النهي على الكراهة، ومعه لا يبقى له ظهور في الحرمة بالنسبة إلى ما عداه.

وأمّا صحيحة عليّ بن مهزيار «أنّه سألَ أبا الحسن الثالث N عن الرّجل يصير في البيداء، فتدركه صلاة فريضة، فلا يخرج من البيداء حتّى يخرج وقتها، كيف يصنع بالصلاة، وقد نُهي أن يصلّي بالبيداء؟! فقال: يصلّي فيها، ويتجنّب قارعة الطريق»[ix]f617، فلا تصلح شاهداً للجمع بين الأخبار، لأنّ موردها الضّرورة.

اللهمَّ إلاَّ أن يُقال: إنّ المراد من خروج وقتها خروج وقت الفضيلة، فتكون شاهداً للحمل على الكراهة.

وممّا يُؤيّد الكراهة بالنسبة إلى ما عداه ما ورد في بعض الأخبار من أنّ وادي ضَجْنان من أودية جهنّم، وهذا ممّا يناسب الكراهة، ففي رواية عليّ بن المغيرة «قال: نزل أبو جعفر N في ضَجْنان ­ وذكر حديثاً يقول في آخره ­ وأنّه ليُقال: إنّ هذا وادٍ من أوديةِ جهنمَ»[x]f618، لكنّها ضعيفة لعدم وثاقة عليّ بن المغيرة.

وعن كتاب الخرائج والجرائح عن عليّ بن المغيرة «قال: نزلَ أبو جعفر N في ضَجْنان فسمعناه يقول ثلاث مرات: لا غفرَ الله لك، فقال له أبي: لمن تقول ­ جعلت فداك! ­ قال: مرّ بي الشّامي ­ لعنه الله ­ يجرّ سلسلته التي في عنقه، وقد دلع لسانه، يسألني أن أستغفر له، فقلت (له): لا غفر الله له (لك)»[xi]f619، وهي ضعيفة بعدم وثاقة عليّ بن المغيرة.

وأيضاً في الخرائج والجرائح عن عبد الملك القمي عن أخيه إدريس «قال: سمعتُ أبا عبد الله N يقول: بينا أنا وأبي متوجهين إلى مكّة (من المدينة)، (فتقدمني) فتقدم أبي في موضعٍ يُقال له: ضَجْنان، إذ جاءني رجل في عنقه سلسلة يجرّها، فأقبل عليَّ، فقال: اسقني، (اسقني، اسقني) فسمعه أبي، (وصاح) فصاح (بي)، (وقال): لا تسقه، لا سقاه الله تعالى، فإذا رجل يتبعه حتى جذب سلسلته، وطرحها على وجهه، (فغاب) في أسفل درك النار، فقال أبي: هذا الشّامي لعنه الله تعالى»[xii]f620، وفي الحدائق والجواهر: «المراد به على الظاهر معاوية صاحب السلسلة التي ذكرها الله تعالى في سورة الحاقّة».

أقول: هذه الرواية أيضاً ضعيفة بجهالة كلٍّ من عبد الملك القمي وأخيه، ولوجود ابن سنان في السّند المردّد بين عبد الله الثقة، ومحمّد الضعيف، والله العالم.

 

[i] الوسائل باب 23 من أبواب مكان المصلّي ح5.

[ii] الوسائل باب 24 من أبواب مكان المصلّي ح1.

[iii] الوسائل باب 24 من أبواب مكان المصلّي ح2.

(1 ­ 2) الوسائل باب 38 من أبواب مكان المصلّي ح1­2.

[iv] الوسائل باب 41 من أبواب مكان المصلي ح1.

[v] الوسائل باب 18 من أبواب مكان المصلّي ح2.

[vi] الوسائل باب 18 من أبواب مكان المصلّي ح1.

[vii] المستدرك باب 13 من أبواب مكان المصلّي ح1.

[viii] الوسائل باب 39 من أبواب مكان المصلّي ح2.

[ix] الوسائل باب 39 من أبواب مكان المصلّي ح1.

[x] الوسائل باب 15 من أبواب أحكام المساجد ح1.

(1 ­ 3) الوسائل باب 12 من أبواب مكان المصلّي ح1­2­3.

(4)      الوسائل باب 12 من أبواب مكان المصلّي ح4.

[xi] الوسائل باب 12 من أبواب مكان المصلّي ح5.

[xii] الوسائل باب 12 من أبواب مكان المصلّي ح7.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=342
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 05-11-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12