• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مكان المصلي / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس226 _مكان المصلي 19 .

الدرس226 _مكان المصلي 19

(1) ادَّعى جماعة من الأعلام الإجماع على عدم كراهة النافلة في جوف الكعبة، وعلى سطحها، بل هناك تسالم بينهم.

ويدل على ذلك أيضاً: جملة من الروايات ذكرناها في باب الحج:

منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله N «قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ دُخُولَ الْكَعْبَةِ فَاغْتَسِلْ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهَا، ولَا تَدْخُلْهَا ­ إلى أن يقول: ­ ثُمَّ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ عَلَى الرُّخَامَةِ الْحَمْرَاءِ...»[i]f554، وهي صحيحة بطريق الشيخ R. وحسنة بطريق الكليني.

ومنها: صحيحة إسماعيل بن همّام «قال: قال أبو الحسن N دخل النبي C الكعبة، فصلّى في زواياها الأربع، وصلّى في كلّ زاويةٍ ركعتين»[ii]f555.

ومنها: صحيحة ثانية لمعاوية بن عمّار «قال: رأيت العبد الصّالح N دخل الكعبة، فصلّى ركعتين على الرّخامة الحمراء..»[iii]f556، وكذا غيرها من الروايات.

(1) المشهور بين الأعلام كراهة الصّلاة بين المقابر، وإلى القبر، وعليه، وعن صريح الغنية، وظاهر المنتهى: الإجماع عليه.

أقول: يقع الكلام في أمرَيْن:

الأوَّل: في حكم سائر القبور غير قبور الأئمة S.

الثاني: في حكم قبر الإمام N، من حيث التقدّم عليه في الصّلاة، أو المساواة له، بأن يكون ممّا يلي رأسه الشريف، أو رجلَيْه، أو التأخّر عنه.

أمّا الأمر الأوَّل: فالكلام فيه من ثلاثِ جهاتٍ:

الأُولى: في الصّلاة بين المقابر.

وتدلّ على الكراهة جملةٍ من الروايات:

منها: موثّقة عمّار عن أبي عبد الله N ­ في حديث ­ «قال: سألته عن الرّجل يصلّي بين القبور، قال: لا يجوز ذلك، إلاّ أن يجعل بينه وبين القبور إذا صلّى عشرة أذرع من بين يديه، وعشرة أذرع من خلفه، وعشرة أذرع عن يمينه، وعشرة أذرع عن يساره، ثمّ يصلّي إن شاء»[iv]f557.

ومنها: مرسلة عبد الله بن الفضل عمّن حدّثه، عن أبي عبد الله N «قال: عشرة مواضع لا يصلَّى فيها، منها القبور»[v]f558، ولكنّها ضعيفة بالإرسال.

ومنها: حديث المناهي «قال: نهى رسول الله C أن تُجصَّص المقابر، ويصلَّى فيها، ونهى أن يصلِّي الرّجل في المقابر والطرق والأرحية والأودية، ومرابط الإبل، وعلى ظهر الكعبة»[vi]f559، وهو ضعيف جدّاً، لِمَا تقدَّم، والأرحية: جمع رحى، وهي الطاحون، والأشهر أن يُجمع على أرحاء.

ومنها: رواية عُبَيْد بن زرارة «قال: سمعتُ أبا عبد الله N يقول: الأرض كلّها مسجد إلاّ بِئرَ غائطٍ، أو مقبرةٍ، أو حمّامٍ»[vii]f560، وهي ضعيفة بجهالة كلٍّ من القاسم بن محمّد الجوهري، وسليمان مولى طربال، ووجودهما في كتاب كامل الزيارات لا ينفع، لعدم كونهما من مشايخه المباشرين.

وظاهر هذه الرّوايات، وإن كان هو الحرمة، لا سيما موثّقة عمار، إلاَّ أنّه يتعيّن حَمْلها على الكراهة جمعاً بينها وبين الرّوايات النافية للبأس عن ذلك، كما في صحيحة علي بن جعفر «أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر J عن الصّلاة بين القبور هل تصلح؟ فقال: لا بأس به»[viii]f561.

وصحيحة عليّ بن يقطين «قال: سألتُ أبا الحسن الماضي N عن الصّلاة بين القبور، هل تصلح؟ قال: لا بأس»[ix]f562.

وموثقة معمّر بن خلاّد عن الرضا N «قال: لا بأس بالصّلاة بين المقابر، ما لم يُتَّخذِ القبر قبلةً»[x]f563.

وحسنة زرارة عن أبي جعفر N «قال: قلتُ له: الصّلاة بين القبور، قال: بين خللها، ولا تتخذ شيئاً منها قبلة، فإنّ رسول الله C نهى عن ذلك، وقال: لا تتخذوا قبري قبلةً، ولا مسجداً، فإنّ الله     ­ عزوجل ­ لعن الذين اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد»[xi]f564.

ويؤيِّد الحمل على الكراهة: أنّه جمع في مرسلة عبد الله بن الفضل المتقدّمة بينها وبين ما هو معلوم الكراهة بلفظٍ واحد، وسيأتي ذكرها بتمامها، إن شاء الله تعالى.

وأمّا الجمع بين الروايات المجوّزة وبين موثّقة عمار، بحمل الروايات المجوّزة على ما إذا كان بينه وبين القبور من كلّ ناحيةٍ مقدار عشرة أذرع من باب حَمْل المطلق على المقيد، ففي غير محلّه، للزوم حَمْل المطلق على الفرد النادر، إذ لازم ذلك ابتعاد كلّ قبر عن غيره عشرين ذراعاً على الأقل، لأنّ هذا هو معنى كون المصلّي بين قبرين يبعد كلّ منهما عن المصلّي عشرة أذرع.

ومن المعلوم أنّه لا يمكن تنزيل الرّوايات المجوِّزة على ذلك، إذ المتبادر من نفي البأس عن الصلاة بين المقابر إنّما هو إرادة الصّلاة في المواضع المتّخذة مقبرةً للموتى كوادي السّلام، ونظائرها.

وعليه، فالمراد بهذه الأخبار: نفي البأس عن الصّلاة في المقابر إما مطلقاً، كما هو ظاهر صحيحتي عليّ بن جعفر، وعليّ بن يقطين، أو في الجملة، كما هو ظاهر موثقة معمّر بن خلاّد، وحسنة زرارة، لا نفي البأس عن الصّلاة في ما بين مقابر متعدّدة، بحيث يعدّ بعضها أجنبيّاً عن بعض، فهي منصرفة عمّا لو صلّى في مكانٍ تكون المقابر بعيدةً عنه من كلّ ناحيةٍ بمقدار عشرة أذرع.

ومن هنا كان ما في موثّقة عمار بمنزلة الاستثناء المنقطع، إذ المصلّي المتباعد عن القبور بقدر عشرة أذرع لا يقال: إنّه صلّى بين القبور، ولا ينطبق عليه عنوان الصّلاة ما بين القبور.

ثمّ إنّ المراد من النهي عن اتّخاذ قبره C قبلةً هو النهي عن البناء عليه معاملين له معاملة الكعبة في استقبال أيّ جُزء منه، كما أنّ المراد من اتّخاذه مسجداً معاملة بنائه كمعاملة المساجد في الصّلوات فيه.

والخلاصة: أنّ حَمْل موثّقة عمّار على الكراهة أنسب بحسب القواعد، خصوصاً مع مخالفة ظاهرها للمتفق عليه، حيث لم ينقل القول بحرمة الصّلاة بين القبور عن أحد، إلاّ عن الديلمي.

الجهة الثانية: كراهة الصّلاة على القبر.

ويدلّ على ذلك جملة من الأخبار:

منها: حسنة زرارة[xii]f565 المتقدّمة، إذ الظّاهر أن تخصيص نفي البأس بما بين خللها للاحتراز عن الصّلاة على القبر، واتخاذه مسجداً، كما يشهد التعليل بقول رسول الله C.

ومنها: مرسلة عبد الله بن الفضل المتقدّمة[xiii]f566 أيضاً عن أبي عبد الله N، باعتبار أنّ المراد بالقبور الواقعة فيها هو الجنس، فيعمّ الواحد والإثنين، لا الجمع كي يُشكل الاستدلال به للمقام. ولكنّها ضعيفة بالإرسال، كما عرفت.

ومنها: رواية يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله N «أنّ رسول الله C نهى أن يصلّى على قبر، أو يقعد عليه، أو يُبنى عليه»[xiv]f567، وهي ضعيفة بيونس بن ظبيان.

الجهة الثالثة: الصّلاة إلى القبر.

ويدلّ على كراهتها موثقة معمّر بن خلاّد، وحسنة زرارة، المتقدّمتان.

وعن الشيخ المفيد والشيخ الصّدوق والحلبي (قدس الله أسرارهم): القول بالحرمة، قوَّاه صاحب الحدائق R، لِمَا في الموثقة، والحسنة، من النهي عن اتّخاذ القبر قبلةً، فيقيَّد بهما إطلاقُ صحيحتي عليّ بن جعفر وعلي بن يقطين المتقدّمتَيْن النافيتَيْن للبأس عنه مطلقاً.

وفيه أوّلاً: أنّ تقييد إطلاق نفي البأس عن الصّلاة بين القبور بما إذا لم يكن شيء منها مقابلاً له، وأمامه، مستلزم لتخصيص الأكثر، إذ قلّ ما يتفق ذلك عند الصّلاة فيما بين القبور، إلاّ إذا صلى في ناحيتها من طرف القبلة.

 

[i] الوسائل باب 25 من أبواب مكان المصلّي ح6.

[ii] الوسائل باب 25 من أبواب مكان المصلّي ح8.

[iii] الوسائل باب 26 من أبواب مكان المصلّي ح1.

[iv] الوسائل باب 26 من أبواب مكان المصلّي ح2.

[v] الوسائل باب 26 من أبواب مكان المصلّي ح7.

[vi] الوسائل باب 26 من أبواب مكان المصلّي ح2.

[vii] الوسائل باب 69 من أبواب المزار ح5.

[viii] مصباح المتهجد للشيخ.

[ix] الوسائل باب 15 من أبواب المزار ح3.

[x] الوسائل باب 13 من أبواب مكان المصلي ح1.

[xi] الوسائل باب 13 من أبواب مكان المصلي ح5.

[xii] الوسائل باب 13 من أبواب مكان المصلي ح6.

[xiii] الوسائل باب 13 من أبواب مكان المصلي ح3.

[xiv] الوسائل باب 13 من أبواب مكان المصلي ح4.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=336
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 27-10-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12