• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مكان المصلي / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس224 _مكان المصلي 17 .

الدرس224 _مكان المصلي 17

(1) صريح المصنِّف R هنا، وظاهر المشهور بين الأعلام عدم الفرق في ذلك بين اقتران الصّلاتَيْن وعدمه، وفي غاية المراد أنّه: «إذا بطلت صلاته بطلت صلاتها، ولا قائل بالفرق»، قال صاحب الجواهر R: «قلت ­ وهو قوي ­:...».

وذهب جمع من الأعلام المتأخّرين إلى تخصيص البطلان بالمقارنة والمتأخّرة، دون السابقة، منهم الشهيد الثاني R في المسالك، وصاحب المدارك R، حيث قال: «وينبغي القطع بصحّة الصّلاة المتقدّمة، لِسَبْق انعقادها، وفساد المتأخّرة خاصّة، ومع الاقتران تبطل الصّلاتان لعدم الأولويّة».

وربّما مال إليه المصنّف R في الذكرى، قال فيها: «ولو سبقت إحداهما أمكن بطلان الثانية لا غير، لسبق انعقاد الأُولى، فيمنع انعقاد الثانية، ويحتمل بطلانهما معاً، لتحقّق الاجتماع في الموقف المنهي عنه».

وقد يستدلّ لهذا القول: بأنّ الصّلاة اللاحقة ليست بصلاةٍ كي تصلح مانعةً من صحّة السّابقة، فإذا دخل في الصّلاة فليس للمرأة أن تصلّي بحذائه ما لم يفرغ من صلاته، فلو صلّت ­ والحال هذه ­ لم تصحّ صلاتها، فهي كصلاة المحدِث، صورة صلاة لا صلاة حقيقيّة، فلا يتنجّز بواسطتها في حقِّ الرجل النهي عن الصلاة بحذاء امرأة تصلي.

وقد استدل أيضاً: بأنّه لم يُعهد في القواعد الشرعيّة بعد افتتاح الصّلاة على الصحة تأثير فعل الغير في إبطالها بغير اختيار المكلّف.

وعليه، فيستبعد بطلان الصّلاة التي انعقدت صحيحة بفعل الغير.

وقدِ استدلّ بدليل ثالث: وهو صحيحة عليّ بن جعفر المتقدّمة الدّالة على فساد صلاة المرأة وحدها، دون الإمام والمأمومين.

أقول:

أمّا الدليل الأوَّل: فيرد عليه أنّ دليل مانعيّة المحاذاة إمّا أن يكون المراد منه المحاذاة في الصّلاة الصحيحة، من غير جهة المحاذاة، أو حتّى من جهة المحاذاة.

فعلى الأوَّل: فتكون الصّلاة اللاحقة صلاةً حقيقيّةً، وتصلح أن تكون مانعةً من صحّة السّابقة، فلا فرق حينئذٍ بين صورتي الاقتران والتعاقب في البطلان بالنسبة إليهما.

وعلى الثاني: لا فرق بينهما في عدم المانعيّة، إذ كلّ منهما لا تصلح أن تكون مانعاً من صحّة الصّلاة، ومقتضاه صحّة الصّلاة لكلٍّ منهما، فلا فرق بين صورتي الاقتران والتعاقب، وبما أنّ الثاني ممتنع، إذ لا يمكن الالتزام بصحّة صلاتَيْهما في صورة الاقتران، فيتعيّن القول الأوّل، وهو البطلان، بلا فرق بين صورتي الاقتران والتعاقب.

ويؤيِّده، بل يُؤكِّده: أنّ صورة الاقتران نادرة جدّاً، فكيف يُدّعى اختصاص النصوص بها، وهل هذا إلاّ حَمْل المطلق على الفرد النادر.

وأمَّا الدليل الثاني: وهو استبعاد تأثير الصّلاة اللاحقة في إبطال السّابقة، فهو مجرد استبعاد لغير البعيد بعد مساعدة الدّليل عليه.

وأمّا الدليل الثالث: وهو رواية عليّ بن جعفر، حيث ورد في ذَيْلها: «وما حال المرأة في صلاتها معهم، وقد كانت صلَّت الظُّهر؟ قال: لا يفسد ذلك على القوم، وتعيد المرأة»[i]f544. فقد عرفت سابقاً أنها ضعيفة، لأن في طريق الشيخ إلى محمد بن مسعود العيّاشي أبي المفضل الشيباني، وجعفر بن مسعود العيّاشي، وهما غير موثقين، وأيضاً قلنا أنها لا تخلو من إجمال، إذ يحتمل أن يكون الموجب للإعادة هو عدم تقدّم الإمام عليها الذي هو شرط في صحّة الائتمام، حيث يُشترط التأخُّر عنه في الجملة، إمّا مطلقاً، أو في حقّ النساء عند اقتدائهنّ بالرّجال، كما أنّه يحتمل أن يكون الموجب للإعادة، هو عدم جواز الائتمام في العصر بالظّهر، كما هو المحكي عن والد الصّدوق R إلى غير ذلك من المحتمالات.

والخلاصة إلى هنا: أنّ المتعيّن هو القول الأوّل، أي عدم الفرق في الحكم بالبطلان بين اقتران الصّلاتين وعدمه، والله العالم.

(1) هي رواية عليّ بن جعفر المتقدّمة، وقد عرفت ما فيها من الاحتمالات.

(1) قال الشّيخ R في المبسوط: «فإن صلّت خلفه في صفٍّ بطلت صلاة مَنْ عن يمينها وشمالها، ومن يحاذيها من خلفها، ولا تبطل صلاة غيرهم، وإن صلّت بجنب الإمام بطلت صلاتها وصلاة الإمام، ولا تبطل صلاة المأمومِين الذي هم وراء الصفّ الأوّل...».

ويحتمل قوله: «مَنْ عن يمينها وشمالها» جميع مَنْ في صفّها، ورَجُلَيْن منهم خاصّة، وكذا يُحتمل «مَنْ يحاذيها» جميع من في الصفّ الثاني، ومَنْ يحاذيها حقيقة، ومن يحاذيها ويراها.

ولكن قد يُشكل: بأنّه كيف تصحّ صلاتهم مع بطلان صلاة الإمام؟!

وقد يُجاب عن ذلك: بأنّه يجوز أن يريد صحتها إذا نوَوا الانفراد، أو لم يعلموا بصلاتها إلى جنبه، وبطلان صلاته، وعدم العلم بفساد صلاة الإمام كافٍ في جواز الاقتداء.

وقال الشّهيد الثاني R في الروض: «لو صلّتِ المرأة معه جماعةً محاذيةً له، فعلى القول بالتحريم تبطل صلاتها وصلاة الإمام، ومَنْ على يمينها ويسارها، ومن يتأخر عنها، مع علمهم بالحال، ومع عدم العلم تبطل صلاتها لا غير، ولو علم الإمام خاصّة بطلت صلاته معها دون المأمومين، وأطلق الشّيخ قدس سره صحّة صلاة المأمومين، وهذا كلّه إنّما يتمّ مع القول بأنّ الصّلاة الطارئة تؤثّر في السّابقة، أو على جواز تكبير المأموم مع تكبير الإمام، وإلاّ صحّتْ صلاة الإمام لتقدّمها، ويبقى الكلام في المأموم».

 أقول: قد عرفت الضابطة التي ذكرناها سابقاً، ولا حاجة للتطويل، ومن خلالها تعرف ما هو الصحيح وما هو الفاسد، والله العالم.

 

[i] الوسائل باب 36 من أبواب مقدمات الطواف ح4.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=334
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 14-10-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12