• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : لباس المصلي / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس200 _لباس المصلي 73 .

الدرس200 _لباس المصلي 73

(1) لا خلاف بين الأعلام في تحريم لُبْس الثوب المغصوب في الصّلاة، وغيرها، وإنّما الكلام في بطلان الصّلاة بذلك، فالمعروف بين الأعلام هو البطلان، وفي الجواهر: «إجماعاً»، وقال العلاّمة في النهاية: «لا تصحّ الصّلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصبية عند علمائنا أجمع...».

ثمّ إنّ أكثر عبارات الأعلام مطلقة فتكون شاملة لما هو أعم من أن يكون ساتراً للعورة، أو غير ساتر، بل صرح بذلك المصنّف R في البيان، حيث قال فيه: «ولا يجوز الصّلاة في الثوب المغصوب، ولو خيطاً، فتبطل مع علمه بالغصب...».

ولكن في المعتبر والمدارك عدم بطلانها بغير الساتر منه، قال المحقّق R في المعتبر: «اِعلم أنّي لم أقف على نصّ من أهل البيت S بإبطال الصّلاة، وإنما هو شيء ذهب إليه المشايخ الثلاثة وأتباعهم، والأقرب أنّه إن ستر به العورة، أو سجد عليه، أو قام فوقه، كانت الصّلاة باطلة، لأنّ جُزء الصّلاة يكون منهيّاً عنه وتبطل الصّلاة بفواته، أمّا لو لم يكن كذلك لم تبطل، وكان كلبس خاتم من ذهب».

وبالمقابل، فإنَّ صريح كلام الفضل بن شاذان، الذي هو من قدماء الأصحاب، ومن خواصّ أصحاب الإمام الرضا N هو الجواز مطلقاً، كما نقله في كتاب الطلاق، قال صاحب الحدائق R ­ بعد نقل كلام الكافي ­: «وهو كلام متين، ومن ثمّ مال إليه المحدّث الكاشاني في المفاتيح، قال شيخنا المجلسي (قدس سره) في كتاب البحار ­ بعد نقل الكلام بطوله ­ ما صورته: «فظهر أنّ القول بالصحّة كان بين الشيعة، بل كان أشهر عندهم في تلك الأعصار».

ثمّ قال صاحب الحدائق R: «ويؤيِّده أيضاً أنّ صاحب الكافي قد نقل ذلك، ولم ينكره، ولم يطعن عليه في شيء منه».

وممَّن ذهب إلى الصحّة أيضاً صاحب الجواهر، حيث قال ­ بعد مناقشته للأدلّة ­: «فالمتّجه فيه حينئذٍ الصحّة ­ إلى أن قال: ­ إلاّ أنّ الاحتياط لا ينبغي تركه في مثل المقام...»، وممّن ذهب إلى الصحة أيضا السّيد محسن الحكيم R في المستمسك، حيث قال: «فالبناء على عدم الفرق بين السّاتر وغيره في الحكم بالصحّة في محلّه لولا ظهور الإجماع على البطلان فيه، وإن كان في الاعتماد على مثل هذا الإجماع تأمّل، للعلم بالمستند الذي قد عرفت حاله».

وقد ذهب إلى الصحّة أيضاً السّيد أبو القاسم الخوئي (قدِّسَ سِرّه الشَّريف)، حيث قال: «ومقتضى الصناعة عدم اعتبارها في اللباس من غير فرق بين السّاتر وغيره، والملبوس والمحمول والمتحرك بحركة المصلّي، وغير المتحرّك، ثمّ قال: «فالنتيجة هو التفصيل بين السّاتر، فالأحوط وجوباً إباحته وبين غيره من الملبوس والمحمول، فالأقوى عدم الاعتبار، وإن كان رعاية الاحتياط أولى».

أقول: لا بدّ من ذكر الأدلّة التي استدلّ بها على بطلان الصّلاة بالمغصوب سواء السّاتر منه، وغيره، وهي كثيرة:

منها: الإجماع المدّعى من قبل جماعة من الأعلام.

وفيه: ما ذكرناه في أكثر من مناسبة من أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد غير حجة.

مضافاً: إلى احتمال استناد المجمعين إلى الأدلّة الأخرى التي سنذكرها، فلا يكون حينئذٍ إجماعاً تعبديّاً، بل مدركيّاً، أو محتمل المدركيّة.

ومنها: ما عن الناصريات من أنّ صحّة الصّلاة، وغيرها من العبادات، إنّما يكون بدليل شرعي، ولا دليل.

وفيه: أنّ الشكّ في اشتراط الصّلاة بإباحة اللباس مرجعه إلى أصالة البراءة لا الاشتغال، وبذلك يحكم بالصحّة الظاهرية.

ومنها: ما عن الشيخ في الخلاف من الاستدلال على بطلان الصلاة في الثوب المغصوب بأن التصرّف في الثوب المغصوب قبيح، ولا تصحّ نية القربة فيما هو قبيح، ولا صلاة إلاّ بنية القربة.

وفيه: أنّ التصرف في الثوب المغصوب، وإن كان قبيحاً، إلاّ أنّ التستّر بالثوب المغصوب ليس جزءاً من أجزاء الصّلاة حتّى يعتبر فيه نية القربة، بل هو شرط، ومن المعلوم أنّ شرط التستّر ليس عبادةً قطعاً، وإلاّ لمّا صحّ بدون النية.

وبالجملة، هناك خلط بين أحكام الجُزء والشرط، فالتستّر من حيث هو ليس داخلاً في ماهية الصلاة، وإلا لكان حاله حال الركوع والسجود والقيام ونحوها في كونه معدوداً من أجزاء الصّلاة، بل هو شرط خارج عن ماهيتها كالطهارة، فهو خارج قيداً، وداخل تقيّداً.

ومنها: ما حكاه صاحب المدارك R بأنّه مأمور بإبانة المغصوب عنه وردّه إلى مالكه، فإذا افتقر إلى فعل كثير كان مضاداً للصّلاة، والأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه، فيفسد.

وفيه: ما ذكرناه في علم الأصول من أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده.

نعم، لو اقتضى ذلك لكان النهي مفسداً لهما، وإن كان نهياً غيريّاً هذا أوّلاً.

وثانياً: قد لا يكون الرد منافياً للصّلاة كما لو كان المالك حاضراً، فيعطيه إياه بلا منافاة، أو كان هناك شخص يوصله إلى المالك.

ومنها ­ وهو العمدة عندهم ­: أنّ الحركات الواقعة في المغصوب الحاصلة بفعل الصّلاة منهيّ عنها، لأنّها تصرّف في المغصوب، والنهي عن الحركات نهي عن القيام والقعود والركوع والسّجود، وهو جُزء الصّلاة فيفسد، لأنّ النهي في العبادة يقتضي الفساد، فتكون الصّلاة فاسدة لفساد أجزائها.

وبالجملة، فالحركة الركوعيّة مثلاً كما أنّه يصدق عليها عنوان الرّكوع كذلك يصدق عليها أنّها نقل للمغصوب من مكان إلى مكان، فيتصادق على الفعل الشخصيّ الخارجي عنوان الغصب والركوع، وحيث إنّ الغصب محرّم على الإطلاق، فيمتنع أن يصير مصداقه عبادة فيفسد الركوع، وهكذا الحال في السّجود والقيام، ونحوها، وهذا لا يختلف فيه الحال بين السّاتر وغيره، فكلها من وادٍ واحد.

وفيه: أنّ الإنصاف عدم اتّحاد اللبس مع شيءٍ من أجزاء الصّلاة، إذ ليس الرّكوع والسّجود والقيام أفراداً له، بل هي أفعال تقارنه.

وإن شئت فقل: إنّ الركوع والسّجود، ونحوهما، هي حركات للبدن، وتصرّف فيه من غير توقف على حركات اللباس.

نعم، تحريكه مقارن لها، ضرورة كون المتحرّك أمرين متغايرين، هما البدن واللباس، والفرق بينه وبين المكان المغصوب واضح بمعلوميّة ضروريّة الجسم للمكان، بخلاف اللباس المعلوم كونه ليس من ضرورياته.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=310
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 21-05-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12