• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : لباس المصلي / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس198 _لباس المصلي 71 .

الدرس198 _لباس المصلي 71

ومنها: رواية جابر الجعفي «قال: سمعت أبا جعفر N يقول: ليس على النساء أذان ­ إلى أن قال: ­ ويجوز للمرأة لُبْس الديباج والحرير في غير صلاة وإحرام، وحرّم ذلك على الرّجال إلاّ في الجهاد، ويجوز أن تتختّم بالذهب، وتصلّي فيه، وحُرّم ذلك على الّرجال إلاّ في الجهاد»[i]f359، وهي ضعيفة بجهالة كلّ من أحمد بن الحسن القطان، والحسن بن علي العسكري، وجعفر بن محمد بن عمارة، وأبيه.

قال المحقّق الهمداني R في مصباح الفقيه: «والخدشة في سند الروايات في مثل هذا الفرع الذي لم يوجد مصرّح بالخلاف ممّا لا ينبغي الالتفات إليها».

أقول: هذه الروايات الضعيفة تكون مؤيِّدة للمطلب، وكون المسألة متسالم عليها فيما تتمّ به الصلاة، لا يجبر ضعفها، إلاّ إذا أحرزنا استناد كلّ العلماء المتقدّمين إليها، لا المشهور فقط، وإحراز استناد الجميع إليها يحتاج إلى دعوى علم الغيب.

وقد يُستدلّ للبطلان أيضاً بأنّ الصّلاة في الذهب استعمال له، فلا تصحّ، لأنّ النهي عن العبادة يدلّ على الفساد.

وفيه: أنّ المنهي عنه في الروايات إنّما هو لُبْسه، لا مطلق استعماله، ومن المعلوم أنّ اللُبْس أمر مغاير لأفعال الصّلاة، فلا يصدق على القيام والقعود والركوع، وغيرها من أجزاء الصّلاة عنوان اللبس، وإذا لم تكن أجزاء الصّلاة عين اللُبْس فلم يتحقق نهي عنها حتّى يدلّ على الفساد.

نعم، قد يُقال: بالبطلان فيما إذا حصل ستر العورة بلُبْسه للذهب لعدم تحقق الستر المأمور به، لأنّ المحرّم لا يكون مصداقاً للواجب، ومن المعلوم أنّ الحاصل منه في الخارج فردٌ للُبْس المحرم، فكيف يتحقق المأمور به؟!.

وقد أجيب عن ذلك: بأنّ التستّر الصلاتي ليس عبادة حتّى يكون النهي عنه مانعاً عن عباديته.

وإن شئت قلت: إنّ التستّر شرط للصّلاة، والشرط خارج عن ذات الصّلاة، وإنّما المعتبر تقيّدها بالستر، فالتقيّد داخل والشرط خارج، وكون الشرط حراماً لا تسري حرمته إلى التقيّد.

ومن هنا يحصل التقيّد بالطهارة من الخبث، وإن حصل التطهير بالغسل بالماء المغصوب.

ثمّ لا فرق في حرمة لُبْس الذّهب تكليفاً ووضعاً بين ما تتمّ به الصّلاة ­ كما هو المتّفق عليه ­ وبين ما لا تتمّ به، كالخاتم، ونحوه، كما هو المشهور، فإنّ موثّقة عمّار المتقدّمة ­ التي هي العمدة في الاستدلال ­ تشمله، لصدق اللبس حقيقة على لُبْس ما لا تتمّ به الصّلاة، بل لعلّ النهي عن لُبْس الذهب منصرف في حدّ نفسه إلى مثل الخاتم، ونحوه، ممّا لا تتمّ به الصّلاة، وإذا لم ندّع الانصراف فلا أقلّ من أن يكون من الأفراد المتيقنة التي يشملها الإطلاق.

ومنه قدِ اتضح لك عدم صحّة ما ذهب إليه المحقّق في المعتبر، حيث قال فيه: «لو صلّى، وفي يده خاتم من ذهب، ففي فساد الصّلاة تردّد، وأقربه أنّها لا تبطل، لما قلناه في الخاتم المغصوب، ومنشأ التردّد رواية موسى بن أكيل..».

وفيه: أنّ دليل البطلان لا يختص بخبر موسى بن أكيل المتقدّم، كي يُقال: إنّه ضعيف السند، بل العمدة في البطلان موثّقة عمار، وهي بإطلاقها تشمله، بل نصّ على تحريمه في خبر جابر الجعفي المتقدّم، لكنّك عرفت أنّه ضعيف السند.

(1) المعروف بين جماعة من الأعلام ­ لا سيَّما المتقدّمين منهم ­ عدم إلحاق المذهّب تمويهاً، وغيره، بالذهب، فعن الغنية: «تُكره الصَّلاة في المذهّب، والملحّم بالذهب، بدليل الإجماع عليه»، وعن الوسيلة: «والمموَّه من الخاتم، والمجرى فيه الذهب، والمصوغ من النقدين على وجه لا يتميّز، والمدروس من الطراز، مع بقاء أثره حلّ للرّجال»، وعن الحلبي: «وتُكره الصّلاة في المصبوغ، وأشده كراهيّة الأسود، ثمّ الأحمر المشبّع، والمذهّب، والموشّح، والملحّم بالحرير، والذهب».

وكذا غيرهم من الأعلام، كالمحقّق الهمداني والسّيد محسن الحكيم والسّيد أبو القاسم الخوئي (قدس الله أسرارهم)، خلافاً لجماعة أخرى من الأعلام، منهم أفاضل العامليين، كالشهيدَيْن والمحقّق الثاني (رحمهم الله)، قال المصنّف في الذكرى: «الذهب: والصّلاة فيه، حرام على الرّجال، فلو موّه به ثوباً، وصلى فيه، بطل» وقال بعد ذلك: «لو موّه الخاتم بالذهب فالظاهر تحريمه، لصدق اسم الذهب عليه؛ نعم، لو تقادم عهده حتّى اندرس، وزال مسمّاه، جاز...».

ومنهم الشيخ جعفر كاشف الغطاء، حيث قال: «الشرط الثالث: أن لا يكون هو، أو جزؤه، ولو جزئيا، أو طَلْيُه، ممّا يعدّ لباساً، أو فيما يعدّ لباساً، أو لُبْساً، ولو مجازاً، بالنسبة إلى الذهب من الذهب، إذ لُبْسه ليس على نحو لبس الثياب، إذ لا يعرف ثوب مصوغ منه، فلُبْسه إمّا بالمزج، أو التذهّب، أو التحلّي، أو التزيّن بخاتم، ونحوه»، وفي الجواهر: «لكن لا ريب في أنّه أحوط، إن لم يكن أقوى...».

أقول: قد يستدلّ لِمَن ذهب إلى المنع، بأنّ المراد من النهي عن لُبْس الذهب هو النهي عن المذهّب بالتمويه، والطلي، والملحم، وشبه ذلك، لعدم تعارف اتّخاذ اللباس من الذهب المحض، فالمراد حينئذٍ ما تعارف اتخاذه منه من نسج أو تمويه، ونحو ذلك.

وفيه: أنّ عدم تعارف نسج الثوب من الذهب لا يصلح قرينة لصرف النهي عن لُبْس الذهب، والصَّلاة فيه، إلى إرادة ما يعمّ الممتزج والمموّه، لإمكان إرادة مثل السّواد والخَلْخَال، والخاتم، ونحوها، ممّا يتحقّق معه اسم اللُبْس عرفاً.

وبالجملة، فلُبْس الذهب لا يصدق حقيقة إلاّ إذا كان الملبوس من حيث هو مصداقاً للذهب، كما في الحرير.

وعليه، فالمموّه ­ أي ما صبغ بماء الذهب ­ لا إشكال في جواز لُبْسه، والصّلاة فيه، إذ الحرام هو لُبْس الذهب لا ما صبغ بمائه من دون أن يشتمل على العين، كما في مسألتنا لأنّه لون محض.

وممّا ذكرنا يتضح لك حال ما لو امتزج الذهب مع غيره بكميّة متساوية، كما لو أذيب مقدار من الذهب، وما يعادله من النحاس، وامتزج أحدهما مع الآخر، فلا إشكال في الجواز، لعدم صدق لُبْس الذهب عليه.

وبالجملة، ما لبسه ليس ذهباً، وما كان ذهباً لم يلبسه.

 

[i] مسند أحمد 5/53، صحيح البخاري 1/162.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=308
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 19-05-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12