• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الخمس .
              • القسم الفرعي : الانفال / الخمس (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 1199 _كتاب الخمس 79 .

الدرس 1199 _كتاب الخمس 79

قال الشهيد الاول رحمه الله في الدروس: وغنيمة مَنْ غزا بغير إذنه في رواية العبَّاس المُرسلة عن الصَّادق (عليه السلام).

ذكرنا هذه المسألة مع أدلَّتها، وبالتَّفصيل عند قول المصنِّف (رحمه اﷲ) سابقاً في أوائل الكتاب، حيث قال: (إلاَّ ما غنم بغير إذن الإمام فله).

وقلنا: إنَّ الإنصاف أنَّ الإمام (عليه السلام) له خُمُس الغنيمة، سواء أكان القتال بإذنه أم لا.

وعليه، فليست هي من الأنفال، فراجع ما ذكرناه، فإنَّه مهمّ.

وأمَّا المعادن والبحار، فهل هما من الأنفال أم لا؟ فسيأتي الكلام عنهما ­ إن شاء اﷲ تعالى ­ قريباً في آخر الكتاب.

 * * *

قال الشهيد الاول رحمه الله في الدروس: ولا يجوز التصرف في حقِّه بغير إذنه.

في المدارك: (المراد أنَّه لا يجوز التّصرُّف في ذلك ­ يعني الأنفال ­ بغير إذن الإمام (عليه السلام) في حال حُضُوره، كما نصَّ عليه في المُعتبر، أمَّا في حال الغيبة فالأصحّ إباحة الجميع...)([1]).

أقول: المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجوز التّصرُّف بشيءٍ منها بدون إذنه في زمن الحُضُور، ولو تصرّف متصرِّفٌ كان غاصباً ظالماً مأثوماً.

وأمَّا في حال الغيبة، فذكر بعضهم أنَّه لا يجوز أيضاً التّصرُّف فيها بدون إذنه (عليه السلام)، وسنتكلّم عن جواز التّصرُّف، أو عدمه في حال الغيبة قريباً ­ إن شاء اﷲ تعالى ­ عند قول المصنِّف (رحمه اﷲ): (وفي الغيبة تحلُّ المناكح...).

 * * *

قال الشهيد الاول رحمه الله في الدروس: وفي الغيبة تحلّ المناكح كالأمة المسبيّة، ولا يجب إخراج خمسها. وليس من باب تبعّض التَّحليل، بل تمليك للحصّة، أو للجميع من الإمام (عليه السلام). والأقرب: أنَّ مُهور النِّساء من المباح وإنْ تعدّدن؛ لرواية سالم، ما لم يُؤدّ إلى الإسراف، كإكثار التَّزويج والتفريق. وتحلّ المساكن إمَّا من المختصّ بالإمام كالَّتي انجلى عنها الكفّار؛ أو من الأرباح، بمعنى أنَّه يستثني من الأرباح مسكن فما زاد مع الحاجة. وأمَّا المتاجر فعند ابن الجنيد على العموم؛ لرواية يونس بن يعقوب، وعند ابن إدريس أنْ يشتري مُتعلّق الخُمُس ممَّنْ لا يُخمّس، فلا يجب عليه إخراج الخُمُس، إلاَّ أنْ يتَّجر فيه ويربح.

والأشبه: تعميم إباحة الأنفال حال الغيبة، كالتّصرُّف في الأرضين الموات، والآجام، وما يكون بها من معدن وشجر ونبات؛ لفحوى رواية يونس، والحارث. نعم، لا يباح الميراث إلَّا لفقراء بلد الميّت.

 قد عرفت عدم جواز التصرُّف في حقِّ الإمام (عليه السلام) من الأنفال في حال حضوره (عليه السلام).

وأمَّا في حال الغيبة، فقد عرفت الكلام في حكم الخمس حالها، فلا حاجة للإعادة. وأمَّا الأنفال، فقد اختلف الأعلام في كونها أُبيحت للشِّيعة مطلقاً، أو في الجملة في زمن الغيبة، أو أنَّه لم يُبح منها شيء؟

قال صاحب المدارك (رحمه اﷲ): (أمَّا في حال الغيبة فالأصحُّ إباحة الجميع، كما نصّ عليه الشَّهيدان، وجماعة؛ للأخبار الكثيرة المتضمِّنة لإباحة حقوقهم لشيعتهم في حال الغيبة...)([2]).

 

وبالجملة، فظاهر المشهور إباحة جميع الأنفال للشِّيعة في حال الغيبة، قال الشَّهيد الثَّاني (رحمه اﷲ) في الرَّوضة: (والمشهور أنَّ هذه الأنفال مباحةٌ حال الغيبة، فيصحُّ التّصرُّف في الأرض المذكورة بالإحياء، وأخذ ما فيها من شجر، وغيره. نعم، يختصّ ميراث مَنْ لا وارث له بفقراء بلد الميِّت وجيرانه؛ للرِّواية، وقيل: بالفقراء مطلقاً؛ لضعف المُخصِّص، وهو قويّ، وقيل: مطلقاً كغيره...)([3]).

وممَّنْ ذهب إلى تعميم الإباحة في زمن الغيبة: المصنِّف (رحمه اﷲ) هنا وفي البيان.

قال (رحمه اﷲ) هنا ­ أي في الدُّروس ­: (والأشبه: تعميم إباحة الأنفال حال الغيبة...) إلى آخر عبارته المذكورة في المتن، وقال في البيان في حكم الأنفال: (ومع وجوده (عليه السلام) لا يجوز التّصرُّف في شيء من ذلك بغير إذنه، فلو تصرّف مُتصرِّفٌ أثم وضمن، ومع غيبته فالظَّاهر إباحة ذلك لشيعته...)([4]).

وبالمقابل، ذهب كثير من الأعلام إلى قَصْر الإباحة على المناكح والمساكن والمتاجر، بل في الحدائق نسبته إلى ظاهر المشهور، قال فيها: (فاعلم أنَّ ظاهر المشهور هنا ­ أي في الأنفال ­ هو تحليل ما يتعلَّق من الأنفال بالمناكح والمساكن والمتاجر خاصَّة، وأنَّ ما عدا

ذلك يجري فيه الخلاف على نحو ما تقدَّم في الخُمُس، وظاهر جملة من متأخِّري المتأخِّرين القول بالتَّحليل في الأنفال مطلقاً، وهو الظَّاهر من الأخبار...)([5]).

وحُكي عن الشَّيخ المفيد (رحمه اﷲ) قصر الإباحة والتَّحليل على المناكح.

ويظهر من أبي الصَّلاح الحلبّي (رحمه اﷲ) تحريم الثَّلاثة أيضاً، أي حرمة التّصرُّف في الأنفال مطلقاً حتَّى المناكح والمساكن والمتاجر، حكى في المختلف عنه ذلك حيث قال: (ويلزم مَنْ تعيّن عليه شيءٌ من أموال الأنفال أنْ يصنع فيه ما بيَّناه من تشطير الخُمُس؛ لكونه جميعاً حقّاً للإمام (عليه السلام)، فإنْ أخلّ المُكلَّف بما يجب عليه من الخُمُس، وحقّ الأنفال، كان عاصياً ﷲ سبحانه ومُستحقّاً لعاجل اللَّعن المُتوجِّه من كلِّ مسلمٍ إلى ظالمي آل محمَّد (عليهم السلام)، وآجل العقاب لكونه مخلاًّ بالواجب عليه لأفضل مستحقّ، ولا رُخصة في ذلك بما ورد من الحديث فيها؛ لأنَّ فرض الخُمُس والأنفال ثابتٌ بنصّ القرآن والإجماع من الأُمّة، وإنِ اختلفت في مَنْ يستحقّه، ولإجماع آل محمَّد (صلوات اﷲ عليهم) على ثبوته وكيفيّة استحقاقه وحمله إليهم وقبضهم إيّاه ومدح مُؤدّيه وذمّ المُخلّ به، ولا يجوز الرُّجوع عن هذا المعلوم بشاذّ الأخبار)([6]). هذه هي الأقوال في المسألة.

 

والإنصاف: ما ذهب إليه المشهور، وعليه خيرة العامليِّين من تعميم الإباحة في زمن الغيبة.

وقبل ذِكْر الأدلَّة على ذلك نذكر كلام الأعلام في المراد بالمناكح والمتاجر والمساكن.

فعن الشَّهيد (رحمه اﷲ) في حاشيته على القواعد: (للمناكح تفسيران: الأوَّل: إسقاط الخُمُس من السَّراري المغنومة حال الغيبة. الثَّاني: إسقاط مُهُور الزَّوجات؛ لأنَّ ذلك من جملة المُؤن.

وللمساكن تفسيرات: الأوَّل: مسكن يُغنم من الكفَّار، فيجوز تملُّكه ولا يجب إخراج الخُمُس منه.

الثَّاني: مسكن الأرض المختصَّة بالإمام (عليه السلام) كرُؤوس الجبال.

الثَّالث: المراد بالمسكن مطلق المنزل وإن كان من غير ذين، كما لو حصل بكسب من ربح تجارة أو زراعة أو صناعة، فإنَّه يُخرج منه الخُمُس بعد المؤونة الَّتي من جملتها دار السُّكنى.

 

([1]) المدارك: ج5، ص419.

([2]) المدارك: ج5، ص419.

([3]) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: ج2، ص85.

([4]) البيان ص352.

([5]) الحدائق: ج12، ص442، 443.

([6]) المختلف: ج3، ص340.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3033
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 11-05-2023
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12