• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الخمس .
              • القسم الفرعي : ما يجب فيه الخمس / الخمس (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 1145 _كتاب الخمس 25 .

الدرس 1145 _كتاب الخمس 25

وأمَّا الأمر الثَّالث: وهو فيما لو كان الدَّين قبل ظهور الرِّبح، سواء أكان بعد الشُّروع في التّكسُّب، وقبل ظهور الرِّبح، أم قبل الشُّروع في التّكسُّب، كما لو كان في العام السَّابق، أو الأعوام السَّابقة، وكان الدَّين لمؤونة عامِ الرِّبح.

فالمعروف بينهم أيضاً: أنَّ الأداء من المؤونة، فلا يجب تخميس الرِّبح قبل الأداء، فحاله كما لو كان الدَّين بعد ظهور الرِّبح في عامه، فلا فرق بين الصُّورتَيْن، إلاَّ أنَّ الدَّين كان قبل ظهور الرِّبح، وهذا ليس بفارق؛ إذ لا إشكال عندهم في كون الأداء من المؤونة؛ لأنَّ تفريغ الذِّمّة من الدَّين من أهمِّ المؤن.

وبالجملة، فإنَّ منشأ هذا الدَّين، وإن كان قد تحقَّق سابقاً، إلاَّ أنَّه بنفسه مؤونةٌ فعليَّةٌ؛ لاشتغال الذِّمّة به، ولا ينبغي الإطالة في ذلك.

وأمَّا الأمر الرَّابع ­ وهو نفس الأمر الثَّالث، ولكن كان الدَّين لغير مؤونة عامِ الرِّبح ­: فهو على صورتَيْن:

الأُولى: فيما لو كان الدَّين لغير مؤونة عام الرِّبح، ولكنَّه احتاجه بعد ذلك في عامِ الرِّبح، كما لو اشترى داراً سابقاً لغير المؤونة بثمن في الذِّمّة، ثمَّ احتاجها للسَّكن في عامِ الرِّبح.

والإنصاف: أنَّه يجوز أداء الدَّين بعد ظهور الرِّبح منه قبل تخميسه؛ لكون الأداء من المؤونة عرفاً، وقد عرفت أنَّ أداء الدَّين ليس تضييعاً للمال، ولا صرفاً له في ما لا ينبغي.

وأمَّا الصُّورة الثَّانية: وهي فيما لو كان الدَّين لغير مؤونة عامِ الرِّبح، ولكنَّه لم يحتجه بعد ذلك في عامِ الرِّبح.

فقد يُقال: إنَّه من مؤونة العام السَّابق لا عامِ الرِّبح، فلا وجه لاستثنائه؛ لعدم الحاجة إليه في عامِ الرِّبح.

وعن جملة من الأعلام أنَّه يؤدَّى من الرِّبح قبل التَّخميس، منهم صاحب الجواهر (رحمه اﷲ) حيث قال: (بل قد لا تُعتبر الحاجة في الدَّين السَّابق مثلاً؛ لصيرورة وفائه بعد شُغل الذِّمة به من الحاجة، وإن لم يكن أصله كذلك...)([1]). وهو على حقٍّ، فإنَّ كون أدائه من مؤونة السَّنة السَّابقة لا يُنافي كونه من مؤونة السَّنة الحاضرة إذا بقي الدَّين إلى زمانها، وقد عرفت أنَّ تفريغ الذِّمّة من الدَّين من أهمّ المؤن، فإنَّ صرف المال في أداء الدَّين ليس تضييعاً له، بل هو صرف في محلِّه.

وعليه، فنفس الأداء من المؤونة، غاية ما هناك أنَّه إذا كان لهذا الدَّين مقابلٌ في الخارج، كما لو اشترى ضيعةً بثمن في الذِّمّة، ثمَّ أدَّى الدَّين من رِبح سنتِه، كانت الضَّيعة رِبحاً، فيجب تخميسها؛ لأنَّها بعد أداء الدَّين تُصبح رِبحاً لم يُصرف في المؤونة، فيجب تخميسه، وقد يكون خُمُس الضَّيعة أكثر من خُمُس ثمنها أو أقلّ، حسب ارتفاع قيمتها أو نقصها.

نعم، لا تكون رِبحاً قبل أداء الدَّين، واﷲ العالم بحقائق أحكامه.

وأمَّا الأمر الخامس ­ وهو أنَّه إذا لم يؤدِ الدَّين حتَّى انقضى العام ­: فهل يُستثنى مقدار الدَّين من الرِّبح، بحيث يجب الخُمُس في ما عداه، أم أنَّه لا يُستثنى من أرباح هذه السَّنة، فيجب تخميس الرِّبح بتمامه؟

والإنصاف: هو التَّفصيل بين ما صُرِف في مؤونة السَّنة وغيره؛ فإن كان الدَّين مصروفاً في مؤونة سنة الرِّبح، فيُستثنى له حينئذٍ، ويؤدّى الدَّين بعد انقضاء السَّنة من غير تخميس؛ لأنَّ أدلَّة استثناء المؤونة تشمل هذا المورد؛ إذ لا يُشترط في الصَّرف في المؤونة أن يكون من عين الرِّبح، بل المتعارف هو الصَّرف من غير الرِّبح، ثمَّ بعد ذلك يُؤخذ من الرِّبح، ويُجعل عِوض المصروف، ويُخمَّس الباقي.

وأمَّا القول: بأنَّ المؤونة المستثناة مختصَّة بما صُرِف من نفس الرِّبح، ففي غير محلِّه؛ إذ لا دليل عليه، بعد أن عرفت أنَّ المتعارف هو الصَّرف من غير نفس الرِّبح.

وأمَّا قياس ذلك على صورة المتبرِّع بالمؤونة بأنَّه مع التّبرُّع لا يُستثنى له مقدار المؤونة، ففي غير محلّه أصلاً؛ لأنَّه مع التّبرُّع يصدق عليه أنَّه غنيّ عن المؤونة، بخلاف ما نحن فيه.

هذا كلُّه إذا صُرف الدَّين في مؤونة سنة الرِّبح.

وأمَّا إذا لم يُصرف الدَّين في مؤونة سنة الرِّبح، فلا معنى للاستثناء حينئذٍ، فإذا مضت السَّنة ولم يؤدَّ في أثنائها فيجب تخميسه بتمامه بعد انتهاء الحَوْل، ويكون نظير ما لو قتّر في المؤونة، فإنَّه بعد انتهاء الحَوْل يجب تخميس ما بقي، وإن كان لو صرفه في أثناء الحَوْل لكان من المؤونة، واﷲ العالم.

وأمَّا الأمر السَّادس: فالمعروف بين الأعلام أنَّ أُروش الجنايات، والكفَّارات والنُّذورات، وقِيم المتلفات العمديّة والخطائيّة، تُحتسب من المؤونة، فتُوفَّى من الرِّبح قبل تخميسه، سواء أكان حدوثها في عامِ الرِّبح أم قبله بعام أو أعوام، فإذا بقيت إلى عام الرِّبح صار وفاؤها من مؤونته، بل وفاؤها من أعظم المؤونة.

نعم، إذا بقيت حتَّى خرج عام الرِّبح، فلا تُحْتَسَب حينئذٍ من المؤونة، بل حالها كما لو قتَّر على نفسه، فيجب تخميس الرِّبح آخر العام من دون استثنائها، واﷲ العالم.

 

([1]) الجواهر: ج16، ص62.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2861
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 04-01-2023
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12