• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : لباس المصلي / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس175 _لباس المصلي 48 .

الدرس175 _لباس المصلي 48

قال المصنف في الذكرى: «هذان الخبران ­ صحيحة الحلّبي وصحيحة ابن يقطين ­ مصرحان بالتقية؛ لقوله في الأول: «وأشباهه» وفي الثاني: و«جميع الجلود» وهذا العموم لا يقول به الأصحاب (رض)».

وممَّا يُؤيِّد ذلك: أن المورد من الموارد التي تشتد فيها التقية.

وأما الكلام في الفنك فهو أولاً كما عن مصباح المنير: «نوع من الثعلب الرومي»، وعن الصحاح: «هو الذي يتخذ منه الفراء» وعن القاموس: «دابة فروتها أطيب أنواع الفراء» وعن بعض أنه يطلق على فرخ ابن آوى، قيل: جلده يكون أبيض وأشقر وأبلق وحيوانه أكبر من السنجاب.

وثانياً: المعروف بين الأعلام المنع من الصَّلاة فيه، بل هو المشهور وفي المفاتيح الإجماع على المنع، وذهب المصنف هنا، وفي البيان، إلى أنّ رواية الجواز متروكة، وفي المقابل نسب للشيخ الصدوق في الأمالي الجواز، واستوجهه العلامة في المنتهى.

أقول: الروايات الواردة في جواز الصَّلاة فيه كثيرة بل مستفيضة وأهمها صحيحة أبي علي بن راشد «قال: قلت لأبي جعفر N ما تقول في الفراء أي شيء يصلّى فيه؟ قال: أي الفراء؟ قلت: الفنك والسّنجاب والسّمور. قال: فصلّ في الفنك والسّنجاب فأمّا السمور فلا تصلّ فيه الحديث»[i]f286  وحمل هذه الأخبار الكثيرة على التقية بعيد لاشتمال كثير منها على المنع من الثعالب وغيرها مما ينافي التقية.

وأما الروايات الورادة في المنع. فقد ذكر الفاضل الأصبهاني في كشف اللثام إني «لم أظفر بخبر معارض للجواز في خصوص الفنك».

أقول: قد تقدم في بعض الروايات ما يستشعر منها أو يظهر منها المنع إلا أنها ضعيفة سندا ودلالة نعم عمدة ما يستفاد منه المنع هي موثقة ابن بكير المتقدمة ولكنك عرفت عند الكلام عن السنجاب أن هذه الموثقة قابلة للتخصيص أيضا بالنسبة إلى بعض ما جرى ذكره في السؤال كما في السنجاب وعليه فلا تكون معارضة لأخبار الجواز، هذا وقد ذكر جماعة من الأعلام أن المنع هو الأقوى وذلك لوهن أخبار الجواز بإعراض المشهور عنها خصوصا مع استفاضتها وصحَّة غير واحد منها وصراحتها في المدّعى وسلامتها عن معارض مكافئ، وعليه فكلما ازداد قوة من حيث السند والدلالة ازداد وهنا بإعراض الأصحاب، ولكنك عرفت فيما سبق أن إعراض المشهور لا يوجب الوهن، ومن هنا كان مقتضى الصناعة العلمية هو جواز الصَّلاة فيه إلا أننا نحتاط وجوبا بالعدم، والله العالم.

(1) ذكرنا فيما سبق أن الصلاة تبطل لو كان على بدن المصلّي أو ثيابه شعر أو وبر ما لا يُؤْكل لحمه، بل لو كان عليهما شعرة واحدة لبطلت الصَّلاة فكيف بالقَلَنْسُوَة أو التكة ونحوهما.

ومن هنا يتبين أننا لسنا بحاجة لذكر الأدلَّة على عدم صحَّة الصَّلاة في القَلَنْسُوَة أو التكة، ونحوهما.

(2) الظاهر أن الحواصل الخوارزميّة من سباع الطير، وقد ذُكر في تفسيرها أنها طيور لها حواصل عظيمة تُعرف بالبجع والكُي بضم الكاف، وحمل الماء، طعامها اللحم والسّمك، يُنزَع ريشها مع بقاء الوبر ويتخذ من جلدها الفراء وقد ينسج من أوبارها الثوب.

ثمَّ إن المعروف عدم صحَّة الصَّلاة فيها لكونها ممّا لا يُؤْكل لحمه فتكون مشمولة لدليل المنع، ولكن صريح النهاية والإصباح والمبسوط جواز الصَّلاة فيها وكذا ظاهر غيرها.

وقد يستدل للقول بالجواز بعدة أخبار:

منها: رواية بشر (بشير) بن بشار المتقدمة «صلّ في السّنجاب والحواصل الخوارزميّة، ولا تصلّ في الثعالب والسمور»[ii]f287.

وفيها: أنها ضعيفة بعدم وثاقة داود الصرمي وبشر (بشير) بن بشار، وبالإضمار؛ أضف إلى ذلك أن المذكور فيها: «تصاد في بلاد الشرك وبلاد الإسلام»، ومن المعلوم أنها إذا أخذت من بلاد الشرك يحكم عليها بأنها ميتة، فكيف يصلى فيها؟!

ومنها: رواية عبد الرحمان بن الحجاج «قال: سألته عن اللحاف «الخفاف» من الثعالب أو الجرز «الخوارزميّة» منه أيصلى فيها أم لا؟ قال: إن كان ذكيّاً فلا بأس به»[iii]f288.

وفيها: أوّلاً: أنها ضعيفة لعدم وثاقة علي بن السندي، فالتعبير عنها بالصحيحة في غير محله.

وثانيا: أن نسخة التهذيب هكذا فيه «الجرز منه»، والجِرز بكسر الجيم وتقديم المهملة على المعجمة من لباس النساء، والضمير في «منه» راجع إلى الثعالب.

وعليه، فلا يصح العمل بها مع اختلاف نسخة الاستبصار والتهذيب من ناسخ واحد مع أن في اقتران الحواصل بالثعالب نوعاً من التوهين، كما لا يخفى، لما عرفت من حال الثعالب.

ومنها: ما عن الخرائج للقطب الراوندي عن أحمد بن أبي روح «قال: خرجت إلى بغداد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمد لأوصله ­ إلى أن قال ­ وسألت ما يحل أن يصلّى فيه من الوبر والسّمور والسّنجاب والفنك والدلق والحواصل، فأما السمور والثعالب: فحرام عليك وعلى غيرك الصَّلاة فيه، ويحل لك جلود المأكول من اللحم إذا لم يكن فيه غيره، وإن لم يكن لك ما تصلّي فيه، فالحواصل جائز لك أن تصلّي فيه...»[iv]f289.

وفيه أوّلاً: أنها ضعيفة بالإرسال.

وثانياً: أن الجواز فيه مشروط بفقد ما يصلّي فيه، وعليه فهو مخصوص بعدم الساتر من غيره.

ومنها: صحيحة الريان بن الصلت «قال: سألت أبا الحسن الرضا N عن لبس فراء السمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها، والمناطق والكميخت والمحشوّ بالقزّ والخفاف من أصناف الجلود، فقال: لا بأس بهذا كلّه إلاّ بالثعالب»[v]f290.

وفيه: أن مورد الصحيحة اللبس دون الصَّلاة وهو أجنبي عما نحن فيه.

لا يقال: إن استثناء الثعالب يكشف عن أن المراد باللبس هو اللبس في الصَّلاة، وإلا فلا فرق في جواز اللبس في غير الصَّلاة بين الثعالب وغيرها.

قلت: إن ذلك غير متعين. لاحتمال أن يريد N عدم لبسه في غير الصَّلاة أيضا لشدة الكراهة فيه.

والخلاصة إلى هنا: أن الأقوى ما عليه المشهور من عدم صحَّة الصَّلاة في الحواصل الخوارزميّة والله العالم.

 

[i] الوسائل باب 3 من أبواب لباس المصلّي ح3.

[ii] الوسائل باب 2 من أبواب لباس المصلّي ح4.

[iii] الوسائل باب 2 من أبواب لباس المصلّي ح6.

[iv] الوسائل باب 2 من أبواب لباس المصلّي ح7.

[v] الوسائل باب 3 من أبواب لباس المصلّي ح3.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=285
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 07-04-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12