• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصدقة .
              • القسم الفرعي : مبحث الصدقة / الصدقة 2022 .
                    • الموضوع : الدرس 197 _كتاب الصدقة 1 .

الدرس 197 _كتاب الصدقة 1

الدرس 197 / الاثنين: 24 تشرين1 2022

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: كتاب الصدقة(1)

(1) قال صاحب الحدائق (رحمه الله): «إنَّ الصَّدقة في الصَّدر الأوَّل إنَّما تُطلق بمعنى الوقف، ولهذا إنَّ الأصحاب (رضي الله عنهم) قدِ استندوا في كثير من أحكام الوقف الى الأخبار الواردة بلفظ الصَّدقة كما تقدَّم ذكره، وحينئذٍ فالصَّدقة في الأخبار أعمّ من هذا المعنى المبحوث عنه ومن الوقف، وقد يُوجد فيها من القرائن ما يتعيَّن به أحدهما، وقد لا يُوجد، فيبقى محتملاً لكلٍّ من الأمرَيْن...».

أقول: يقع الكلام في عشرة أمور:

الأوَّل: في تعريف الصَّدقة.

الثَّاني: في ذِكْر الآية الشريفة والرِّوايات المتواترة الواردة في استحبابها، والحثّ على فعلها، حتى صارت من ضروريّات المذهب، وخصوصاً في شهر رمضان المبارك، وبالأخصّ على الأرحام والجيران.

الثَّالث: في جواز الصَّدقة على الذِّميّ وغيره من الكافر غير الحربيّ.

الرَّابع: في كراهة تصدُّق المكلّف بجميع ماله.

الخامس: في كونها عقداً، فتحتاج إلى إيجاب وقبول.

السَّادس: في اشتراط الإقباض فيها.

السَّابع: في اشتراط كون الإقباض فيها بإذن المالك.

الثَّامن: في اشتراط قصد القربة فيها إلى الله تعالى.

التَّاسع: في عدم جواز الرُّجوع فيها.

العاشر: في كون صدقة السِّرّ أفضل من الجهر.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ ذكر هذه الأمور بهذا التَّرتيب إنَّما هو تبعاً لكلام المصنِّف (رحمه الله)، وإلاَّ كان من الأنسب تقديم بعض الأمور على البعض الآخر الَّذي ذكره المصنِّف (رحمه الله)، وقد نذكر أيضاً بعض الأخبار الواردة في الصَّدقة، والتي ليست هي مدرجة في ضمن الأمور العشرة، كلُّ ذلك تبعاً للمصنِّف (رحمه الله)، وسنتكلّم عن هذه الأمور ­ إن شاء الله تعالى ­ على التَّرتيب الَّذي ذكره المصنِّف (رحمه الله).

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وهي العطيّة المتبرّع بها ­ بالأصالة من غير نصاب ­ للقربة(1)

(1) أمّا الأمر الأوَّل، فقد عرَّفها المصنِّف (رحمه الله) بأنَّها: العطيّة المتبرّع بها بالأصالة من غير نصاب للقربة.

وقوله: «بالأصالة»: أي بأصل الشَّرع.

وقوله «من غير نصاب»: إشارة إلى الزَّكاة الواجبة، حيث يُشترط فيها النصاب المذكورة في محلِّها.

وقوله: «للقربة» تمييزاً لها عن الهبة والهديّة والنِّحلة، كما سنوضّحه ­ إن شاء الله تعالى ­.

ثمَّ لا يخفى عليك: أنَّ هذا التَّعريف ليس تعريفاً حقيقيّاً بالحدّ أو الرَّسم التامَّيْن، بل هو تعريف لفظيّ من قبيل (السَّعدانة: نبت)، فلا يُشكَل عليه طرداً وعكساً.

هذا، وقد ورد في بعض الرِّوايات أنَّ الصَّدقة محدثةٌ، كما في صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: إنَّما الصدقة محدثة، إنَّما كان الناس على عهد رسول الله (ص) ينحلون ويهبون...»([1]).

وقال صاحب الوافيّ (رحمه الله) ­ بعد ذكره لهذا الحديث ­: «ولعلّ المراد بالحديث: أنَّ النَّاس كانوا على عهد رسول الله (ص) لا يتصدَّق بعضهم على بعض إذا أرادوا معروفاً فيما بينهم سوى الزَّكاة وما يُعطى لأهل المسكنة، بل كانوا يهبون وينحلون، إمَّا لإرادة تحصيل ملكة الجود، أو إرادة سرور الموهوب له، أو الإثابة منه، أو غير ذلك، وإنَّما صدقة بعضهم على بعض في غير الزَّكاة والتّرُّحم للمسكين أمرٌ محدث...»، يقصد أنَّ ما يُعطى ﷲ المسمَّى بذلك صدقة هو أمرٌ حادثٌ لم يكن على عهد رسول الله (ص)، ويشير إلى هذا المعنى ما ورد في موثَّقة عبيد بن زرارة «قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرَّجل يتصدَّق بالصَّدقة أله أن يرجع في صدقته؟ فقال: إنَّ الصَّدقة محدثةٌ، إنَّما كان النِّحل والهبة، ولمَنْ وهب أو نحل أن يرجع في هبته؛ حيز أو لم يحز، ولا ينبغي لمِنْ أعطى شيئالله (عز وجل)أن يرجع فيه»([2]).

وقال صاحب الحدائق  (رحمه الله): «الظاهر أنَّ المراد بقوله (عليه السلام): «إنَّما الصَّدقة محدثةٌ» إنَّما هو بمعنى أنَّ إطلاق الصَّدقة على هذا المعنى المشهور الآن ­ المشروط بالشُّروط المتقدِّمة ­ أمر محدث، لم يكن في زمنه (ص)، وإنَّما الَّذي كان في زمنه النِّحل والهبات، والصَّدقة يومئذٍ إنَّما تُستعمل بمعنى الوقف، كما في صدقات عليّ (عليه السلام) وفاطمة والكاظم (صلوات الله عليهم)...».

أقول: ما ذكره صاحب الحدائق  (رحمه الله) وغيره من الأعلام في معنى الصَّدقة المحدثة هو المتعيّن.

ومن هنا، قال الشَّيخ  (رحمه الله) في المبسوط: «إذا قصد الثَّواب والتّقرُّب بالهبة إلى الله (عز وجل)سُمّيت صدقةً، وإذا قصد به التودُّد والمواصلة سُمِّيت هديةً...». وفُرِّق بذلك بينها وبين الهِبة والهديّة.

وقد ذكر جماعة من الأعلام، منهم الشَّهيد الثَّاني  (رحمه الله) في المسالك: «أنَّ الهبة أعمّ من الصدقة؛ لاشتراطها بالقربة دونها. وأمّا الهدية، فهي أخصّ من الهبة أيضاً، لأنَّها تفتقر إلى قيد آخر ­ مضافاً إلى ما ذُكر في تعريف الهبة ­ وهو أن يحمل الموهوب من مكان إلى مكان الموهوب منه إعظاماً له وتوقيراً، فامتازت عن مطلق الهبة بذلك. ولهذا لا يطلق لفظها على العقارات الممتنع نقلها، فلا يقال: أهدى إليه داراً ولا أرضاً، ويقال: وهبه ذلك، فصارت الهبة أعمّ منها أيضاً. وعلى هذا يتفرَّع أنَّه لو نذر الهبة برئ بالهدية والصدقة، دون العكس مطلقاً». وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى.

والخلاصة: أنَّ الصَّدقة أشهر من أن تُعرَّف، والله العالم.

 

([1]) الوسال باب 3 من أبواب كتاب الهبات ح1.

([2]) الوسائل باب 10 من أبواب كتاب الهبات ح1.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2637
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 24-10-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12