• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مكان المصلي .
                    • الموضوع : الدرس256 _مكان المصلي 49 .

الدرس256 _مكان المصلي 49

ثمّ إنّه ينبغي التنبيه على أمرَيْن:

الأوَّل: لا يُشترط قصد التقرّب في صحّة الوقف، سواء أكان في مطلق الوقف، أم في خصوص المسجديّة.

نعم، بناء على اعتبار القربة في صحّة الوقف يتّجه فساد الصّلاة في مساجد المخالفِين، لعدم صحّة عباداتهم، فتكون حينئذٍ ملكاً لأربابها.

اللهمَّ إلاَّ أنْ يُقال: بصحّة الصلاة في مساجدهم، لمكان الإعراض عن هذه البقعة، ومع الإعراض يزول ملكهم عنها.

الأمر الثاني: لا يصح تخصيص المسجد بطائفةٍ خاصّة من المسلمين، أو بقبيلةٍ دون قبيلة، بل هو لجميع المسلمين.

وعليه، فلو صرَّح المخالف بالوقف مسجداً على أهل مذهبه اتّجه الفساد، وتعود البقعة حينئذٍ ملكاً لأصحابها، إلاّ إذا قلنا: بأنّه أعرض عنها، والله العالم.

(1) المعروف بين الأعلام أنّه يستحبُ للإنسان أن يتّخذ مكاناً في بيته للصّلاة فيه، ويسمّى ذلك المكان مسجداً مجازاً.

وعليه، فهو عبارة عن اتّخاذ جُزءٍ من البيت، وإفراده للصّلاة، والخَلْوة فيه للتوجه، والإِقبال على العبادة، وليس له حكم المسجد، ولذا جاز تغييره، وتبديله.

ولكن قد يظهر من المحكي عن مجمع البرهان أنّه يحصل له فيه ثواب المسجدية.

ولكنّه في غير محلّه، ومن هنا صرّح المحقّق الثاني R في جامع المقاصد أنّه لا يتعلّق به ثواب المسجد.

أقول: اتّفق الأعلام على عدم إجراء أحكام المسجديّة عليه، فيجوز له توسيعه وتضييقه وتحويله وجعله كنيفاً، ونحوه.

ثمّ إنّ الأخبار الواردة بذلك كثيرة:

منها: رواية حريز عن أبي عبد الله N «قال: اتّخِذْ مسجداً في بيتك...»[i]f839، وهي ضعيفة بعدم وثاقة المعلَّى بن محمَّد.

ومنها: رواية عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله N «قال: كان عليّ N قد اتّخذ بيتاً في داره ليس بالكبير، ولا بالصّغير، وكان إذا أراد أن يصلّي من آخر الليل أخذ معه صبيّاً لا يحتشم منه، ثمّ يذهب إلى ذلك البيت فيصلِّي»[ii]f840، وهي ضعيفة أيضاً لعدم وثاقة محمّد بن خالد الطيالسي.

ومنها: موثّقة عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله N «قال: كان عليّ N قد جعل بيتاً في داره ­ ليس بالصّغير، ولا بالكبير ­ لصلاته، وكان إذا كان الليل ذهب معه بصبي لا يبيت معه، فيصلِّي فيه»[iii]f841.

ويُستفاد من هذه الموثّقة استحباب أن لا يكون في البيت وحده في الليل، وإن كان في الصّلاة.

ثمّ إنّه قوله: «ولا يبيت معه»، أي لم يكن في سائر الليل عنده، لأنّه N كان مع أزواجه، وسراياه، ولم يكن يناسب كونه نائماً معهن.

ومنها: معتبرة مَسْمع «قال: كتب إليَّ أبو عبد الله N: إنِّي أحبّ لك أن تتخذ في دارك مسجداً في بعض بيوتك، ثمّ تلبس ثوبين طِمْرين(*) غليظَيْن، ثمّ تسأل الله أن يعتقك من النَّار، وأنْ يُدْخِلك الجنَّةَ، ولا تتكلّم بكلمةِ باطل، ولا بكلمةِ بغيٍ»[iv]f842.

ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان «قال: سألتُ أبا عبد الله N عن المسجد يكون في الدَّارِ، وفي البيتِ، فيبدو لأهلِه أن يتوسَّعوا بطائفةٍ منه، أو يحوِّلُوه إلى غير مكانِه، فقالَ: لا بأسَ بهذا كلّه...»[v]f843.

ومنها: صحيحة الحلبي «أنّه سأل أبا عبد الله N عن مسجد يكون في الدار فيبدو لأهله أن يتوسّعوا بطائفة منه، أو يحوّلوه عن مكانه، فقال: لا بأس بذلك...»[vi]f844

ومنها: رواية أبي الجارود «قال: سألتُ أبا جعفر N عن المسجدِ يكونُ في البيتِ فيُريدُ أهلُ اليبتِ أنْ يتوسَّعوا بطائفةٍ منه، أو يُحْوِّلُوه إلى غير مكانه، قال: لا بأس بذلك...»[vii]f845، ولكنّها ضعيفة بسهل بن زياد.

ومنها: ما في آخر السَّرائر نقلاً من كتاب أحمد بن محمَّد بن أبي نصر صاحب الرّضا N «قال: سألتُه عن رجلٍ كان له مسجد في بعض بيوته، أو داره، هل يصلح له أن يجعله كنيفاً؟ قال: لا بأس»[viii]f846، وهي ضعيفة بالإرسال، لأنّ ابن إدريس R لم يذكر طريقه إلى كتاب البزنطي.

ورواه في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جدّه عليّ بن جعفر مثله[ix]f847، وهو ضعيف أيضاً بعبد الله بن الحسن، فإنّه مهمل.

قال العلاّمة R في التذكرة: «مَنْ كان له في داره مسجد قد جعله للصّلاة جاز له تغييره، وتبديله، وتضييقه، وتوسيعه، حسبما يكن أصلح له، لأنّه لم يجعله عامّاً، وإنّما قصد اختصاصه بنفسه وأهله، ولرواية أبي الجارود، وهل تلحقه أحكام المساجد من تحريم إدخال النجاسة إليه، ومنع الجنب من استيطانه وغير ذلك؟ الأقرب: المنع، لنقض المعنى فيه».

قال العلاّمة المجلسي R في البحار بعد نقله: «وكلامه يُشعر بالتردّد ومع الوقف كذلك أيضاً، كما احتمله الوالد قدس سره».

أقول: ظاهر الرّوايات المتقدّمة هو اتّخاذ موضع في الدار للخلوة في الصّلاة فيه، وبذلك أطلق عليه لفظ المسجد.

ولكن أجوبة الأئمة S بيّنت أنه ليس بمسجد حقيقة، ولا يترتب عليه شيء من أحكام المسجدية بالكلية، وإنما هو موضع اتخذ لذلك، والغرض منه التوجه للإقبال على العبادة، ومتى أراد صاحبه تغييره غيّره إلى ما يريد، والله العالم بحقائق أحكامه.

تمّ الانتهاء منه صبيحة يوم السبت الثاني من صفر الخير سنة 1437هـ الموافق لـ 14 تشرين الثاني سنة 2015 مـ، وذلك في منطقة الشياح من الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، وأنا الأقل حسن بن علي الرميتي العاملي عامله بلطفه الخفي، فإنه أكرم المسؤولين، وأجود المعطين، وأرحم الراحمين، وخير الموفقين، وآخر دعوانا أن الحمد ﷲ رب العالمين.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2626
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 21-12-2015
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19