(1) ففي موثَّقة عمَّار عن أبي عبد الله N «قال: سألتُه عن الرّجل يصلّي فيُدخِل يدَه في ثوبه، قال: إن كان عليه ثوب آخر إزار أو سراويل فلا بأس، وإن لم يكن فلا يجوز له ذلك، وإن أدخل يداً واحدةً، ولم يُدخِل الأُخرى، فلا بأس»[i]f159.
ولا يخفى أنّ المنع في قوله N: «وإن لم يكن فلا يجوز له ذلك» محمول على الكراهة، وذلك لصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر N الدالّة على الجواز «قال: سألته عن الرّجل يصلّي ولا يُخرِج يديه من ثوبه، قال: إن أخرج يديه فحسن، وإن لم يخرج فلا بأس»[ii]f160.
(1) قال المصنف في الذكرى: «ويستحب لمن صلى في سراويل وحده أن يجعل على عاتقه شيئاً ولو تكته، ولو كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف...».
أقول: يدل على ذلك صحيحة عبد الله بن سنان «قال: سُئل أبو عبد الله N عن رجل ليس معه إلا سراويل، قال: يحل التكة منه فيطرحها على عاتقه ويصلّي، قال: وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلّد السيف ويصلّي قائماً»[iii]f161.
وفي مرفوعة علي بن محمد إلى أبي عبد الله N في رجل يصلّي في سراويل ليس معه غيره، قال: يجعل التكة على عاتقه»[iv]f162، ولكنها ضعيفة بالرفع.
وفي حسنة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله N حيث ورد في ذيلها «إذا لبس السروايل فليجعل على عاتقه شيئا ولو حبلاً»[v]f163.
(2) يُستفاد ذلك من بعض الرّوايات:
منها: رواية محمّد بن الحسين بن كثير الخزّاز (الخرّاز) عن أبيه «قال: رأيت أبا عبد الله N وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه، وفوقه جُبّة صوف، وفوقها قميص غليظ فمسستها، فقلت: جعلت فداك! إنّ النّاس يكرهون لباس الصوف، فقال: كلا، كان أبي محمّدُ بن علي N يلبسها، وكان عليُّ بن الحسين N يلبسها، وكانوا S يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصَّلاة، ونحن نفعل ذلك»[vi]f164، ولكنّها ضعيفة بمحمّد بن الحسين بن كثير الخزّاز (الخرّاز) وأبيه، فإنّهما غير مذكورَيْن.
ومنها: روايته الأخرى عن أبيه «قال: رأيت على أبي عبد الله N جُبّة صوف بين ثوبين غليظين، فقلت له في ذلك، فقال: رأيتُ أبي يلبسها، إنَّا إذا أردنا أن نصلّي لبسنا أخشن ثيابنا»[vii]f165، وهي ضعيفة بما تقدّم.
ومنها: رواية حريز عن أبي عبد الله N «قال: اتَّخِذ مسجدّاً في بيتك إذا (فإذا) خفت شيئاً فالبس ثوبين غليظين من أغلظ ثيابك فصلِّ فيهما... »[viii]f166، ولكنّها ضعيفة بمعلَّى بن محمَّد، فإنَّه غير موثَّق.
هذا، وقد ورد في بعض الأخبار استحباب التجمُّل في الصَّلاة:
منها: ما في مجمع البيان عن أبي جعفر N «في قوله تعالى: « خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ ]الأعراف: 31[، قال: أي خذوا ثيابكم التي تتزيّنون بها للصَّلاة في الجمعات والأعياد»[ix]f167.
ومنها: ما في مجمع البيان أيضاً «قال: وروى العياشي بإسناده عن الحسن بن علي N أنّه كان إذا قام إلى الصَّلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له: يا ابن رسول الله! لِمَ تلبس أجود ثيابك؟! فقال: إنّ الله جميل يحبّ الجمال، فأتجمّل لربّي، وهو يقول: «خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ »، فأحبّ أن ألبس أجمل ثيابي»[x]f168.
ولكنَّهما ضعيفتان بالإرسال:
الأولى: مرسلة مجمع البيان.
والثانية: مرسلة العياشي، لأنّه لم يذكر طريقه إلى الإمام الحسن N، بل قد عرفت في بعض المناسبات أن روايات تفسير العياشي كلّها مرسلة.
ثمَّ إنّه مع قطع النظر عن ضعف السند يمكن الجمع بين الطائفتين، كما عن الشيخ الحر العاملي R، باستحباب لُبْس أخشن الثياب في الصَّلاة في الخلوة، واستحباب لبس أجملها بين النّاس.
(1) المشهور بين الأعلام الصحَّة في الصُّورة المفروضة، وفي الجواهر: «واحتمال الالتزام بعدم الصحَّة فيها أيضاً يدفعه: أوّلاً: أنّه خلاف المستفاد من البيان والتحرير والتذكرة والمحكي عن المعتبر والمختلف والمنتهى ونهاية الأحكام، بل لم أجد مخالِفاً صريحاً في ذلك، نعم ظاهر التحرير احتمال البطلان، وثانياً: أنّه لا ريب في صدق مضمون الصحيح عليه...»، يقصد: صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر N «قال: سألته عن الرّجل صلّى، وفرجه خارج لا يعلم به، هل عليه إعادة أو ما حاله؟ قال: لا إعادة عليه، وقد تمَّت صلاته»[xi]f169.
[i] الوسائل باب 54 من أبواب لباس المصلّي ح3.
[ii] الوسائل باب 54 من أبواب لباس المصلّي ح2.
[iii] الوسائل باب 54 من أبواب لباس المصلّي ح5.
[iv] الوسائل باب 54 من أبواب لباس المصلّي ح6.
[v] الوسائل باب 27 من أبواب لباس المصلّي ح1.
[vi] الوسائل باب 9 من أبواب الركوع ح1.
[vii] الوسائل باب 50 من أبواب لباس المصلّي ح1
[viii] الوسائل باب 50 من أبواب لباس المصلّي ح2.
[ix] الوسائل باب 50 من أبواب لباس المصلّي ح1.
[x] الوسائل باب 46 من أبواب النجاسات ح3.
[xi] الوسائل باب 50 من أبواب لباس المصلّي ح4.
|