• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : مبحث الأوامر / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 153 _ المقصد الأول في الاوامر 85 .

الدرس 153 _ المقصد الأول في الاوامر 85

الكفاية R: «لا شبهة في أن وجوب المقدمة بناء على الملازمة، يتبع في الإطلاق والاشتراط وجوب ذي المقدمة، كما أشرنا إليه في مطاوي كلماتنا، ولا يكون مشروطاً بإرادته، كما يوهمه ظاهر عبارة صاحب المعالم...».

أشرنا في أوّل مبحث مقدمة الواجب أنّه لا نزاع في وجوب المقدمة عقلاً بمعنى اللاّبدية العقلية، وإنّما النزاع في الوجوب الشرعي الذي يكشف عنه العقل، حيث ذهب بعض الأعلام إلى أنّ مقدمة الواجب ليست واجبة شرعاً في قبال المشهور الذين ذهبوا إلى أنّها واجبة بوجوب غيري شرعي، ثمّ حصل الخلاف بناءً على وجوب المقدمة:

الأوّل: في أنّه بناءً على الملازمة هل وجوب المقدمة مشروط أو مطلق؟

الثاني: بعد القول بإطلاق وجوب المقدمة، فهل الواجب حصّة خاصة من المقدمة أم لا؟

أمّا بالنسبة إلى الخلاف الأوّل، فهو لصاحب المعالم R؛ حيث ذهب إلى أنّ وجوب المقدمة مشروط بإرادة ذيها؛ حيث قال في مبحث الضد: «... وأيضاً فحجة القول بوجوب المقدمة على تقدير تسليمها إنّما تنهض دليلاً على الوجوب في حال كون المكلف مريداً للفعل المتوقف عليها...»( ).

ولكن أغلب الأعلام لم يرتضوا هذا الكلام؛ لأنّه بناءً عليه لا يخلو الأمر، فإمّا أن يكون وجوب المقدمة فقط مشروطاً بإرادة ذيها؛ حيث يكون وجوب المقدمة مشروطاً ووجوب ذي المقدمة مطلقاً، وهو باطل؛ للزومه انفكاك التبعيّة بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها في الإطلاق والاشتراط بسبب ترشّحه عنه.

وإمّا أن يكون وجوب ذي المقدمة مشروطاً كوجوب المقدمة، وهو باطل أيضاً؛ للزومه تبعيّة الحكم لإرادة المكلف، فإن أراد الصلاة كان هناك وجوب، وإلا فلا. فضلاً عن كون الوجوب باعثاً للإرادة على الفعل، فكيف يكون مشروطاً بها؟!

وعليه، فإنّ تفسير كلام صاحب المعالم على ظاهره ­ أنّ وجوب المقدمة مشروط بإرادة ذيها ­ لا يمكن القبول به.

ومن هنا حاول البعض تفسير كلامه R بما يتحد مع كلام الشيخ الأنصاري R على أحد تفاسيره، وهو أنّه ليس وجوب المقدمة مشروطاً بإرادة ذيها، بل هو مطلق كوجوب ذيها، إلا أنّ الفعل الخارجي؛ أي المقدمة، حتى تتصف بالوجوب يشترط إرادة ذيها، فتكون الإرادة شرطاً للواجب لا للوجوب. وهذا الكلام ممكن إلا أنّه ليس في محلّه أيضاً. كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأمّا بالنسبة للخلاف الثاني، فهناك أقوال منها ما عن الشيخ الأنصاري R؛ حيث ذهب إلى أنّ اتصاف المقدمة بالوجوب الغيري مشروط بقصد التوصل إلى ذيها، فإن لم يقصد هذا لم يقع فعل المقدمة على صفة الوجوب. وعليه يكون قصْد التوصّل إلى ذيها شرطاً للواجب لا للوجوب.

وقد فسِّر كلام الشيخ الأعظم بعدة تفاسير:

منها: أنّه يريد خصوص المقدمة العبادية؛ حيث يظهر من جملة من كلامه أنّ قصد التوصل إنّما يكون شرطاً في وقوع المقدمة على صفة العبادية؛ بحيث لا تقع المقدمة عبادة إلا إذا قصد بها التوصّل إلى ذيها.

ومنها: أنّ اعتبار قصد التوصل إنّما هو في مقام المزاحمة مع المحرَّم؛ كما إذا كانت المقدمة محرّمة؛ ومثاله: ما لو توقف واجب نفسي كإنقاذ الغريق مثلاً على مقدمة محرّمة بنفسها؛ كالتصرف في مال الغير، وسيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى.

ومنها: أنّه يظهر من بعض كلامه أنّ الواجب هو عنوان المقدمة لا ذات ما يتوقف عليه الشيء.

وخلاصته: إنّ مرجع اشتراط الفعل بقصد التوصل إلى ذيها هو أن الواجب عنوان المقدمية؛ بحيث تكون الجهة جهة تقييدية، وسيأتي ردّه إن شاء الله تعالى.

ومنها: أنّه يريد مطلق المقدمة المشروطة بقصد التوصّل إلى ذيها، وليس خصوص المقدمة المحرّمة أو العبادية أو عنوان المقدمية. وهذا تفسير المشهور لكلامه R.

وقد أشكل صاحب الكفاية على التفسير الأخير لكلام الشيخ بأنّه لا يشترط في اتصاف المقدمة بالوجوب قصد التوصل بها إلى ذيها؛ لأنّ الملاك في وجوب المقدمة هو أن يتمكن المكلف من خلالها الإتيان بذي المقدمة، سواء قصد التوصّل إلى ذيها أم لا. وعليه، فمن دخل أرض الغير من دون قصد إنقاذ الغريق، إلا أنّه حينما وصل إليه أنقذه، اتصفت هذه المقدمة بالوجوب وإن لم يقصد التوصّل بها إلى ذيها، كل ما هنالك أنّه يكون المكلّف متجرياً.

وأمّا إن كان مراده أنّ الواجب هو عنوان المقدمة لا ذات ما يتوقف عليه الشيء، ومن هنا اشترط قصد التوصّل؛ لأنّ الإتيان بالواجب متوقف عليه؛ إذ لا يمكنه امتثال الواجب الذي هو عنوان المقدمية إلا بقصد التوصل الذي هو نفس وعين عنوان المقدمية.

وبالجملة، فإنّ متعلق الأمر الغيري ليس الفعل الخارجي، بل عنوان المقدمية، وعنوان المقدمية هو نفس قصد التوصل إلى ذي المقدمة. وعليه، فلا بدّ من قصد التوصّل إلى الغير لكي يتّصف هذا الفعل بالوجوب الغيري.

ففيه: ما تقدّم معنا من أنّ الواجب هو ذات المقدمة، وهو ما كان مقدّمة بالحمل الشائع، لا عنوان المقدمة؛ لأنّ عنوان المقدمة جهة تعليلية؛ أي هذا الفعل واجب بالوجوب الغيري لأنّه مقدمة، وبالتالي لا ينصبّ عليها الحكم؛ لأنّه ليس جهة تقييدية حتى يقال لا بدّ من لحاظ هذا العنوان وقصده، وإلا لم يأتِ بالواجب.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2539
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 30-10-2013
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16