• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : مبحث الأوامر / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 128 _ المقصد الأول في الاوامر 60 .

الدرس 128 _ المقصد الأول في الاوامر 60

الإنصاف: بعد الفراغ من ذكر المحاولات الثلاث لتصحيح الشرط المتأخر، نأتي إلى الإنصاف في المسألة، وهو استحالة الشرط المتأخر للحكم سواء كان الحكم تكليفياً أو وضعياً؛ لما تقدم من أنّه حتى وإن لم يكن الشرط مؤثراً في الحكم تأثير العلة الحقيقية الخارجية في المعلول، إلا أنّ الشارع نفسه قد أوقف فعلية الحكم على فعلية موضوعه بكل أجزائه وشروطه وقيوده، فيستحيل أن يكون الحكم فعلياً قبل فعلية موضوعه بتمامه، وإلا لزم خلف فرضه موضوعاً.

إشكال العقد الفضولي:

بناءً على استحالة الشرط المتأخر، يرد إشكال في البيع الفضولي وأمثاله؛ فإنّا نجد أنّ الإجازة مؤثّرة في الملكية رغم كونها متأخرة عنها؟!

قبل الإجابة عن هذا الإشكال، لا بدّ من التطرق إلى ما قيل في الإجازة، فقد ذكر لها خمسة أوجه:

أوّلاً: الإجازة الناقلة: ومعناها أنّ الملكية حاصلة بعد الإجازة، لا أنّها كاشفة عن حصولها من حين العقد.

ثانياً: الكشف الحقيقي: ومعناه أنّ العقد أثّر أثره من حين صدوره، والإجازة اللاحقة كشفت عن تحقق الملكية من حينه. ثمّ اختلف في الإجازة بناءً على الكشف الحقيقي، فمنهم من ذهب إلى أنّ وظيفتها التعريف بصحّة العقد، ومنهم من ذهب إلى أنّها مؤثرة في صحته على نحو الشرط المتأخر.

ثالثاً: الكشف الانقلابي: ومعناه أنّ ما صدر من البائع الفضولي قبل الإجازة لم يكن سبباً للملكية، ثمّ انقلب وصار سبباً لها بعد الإجازة.

رابعاً: الكشف الحكمي: ومعناه أنّه لا ملكية قبل الإجازة، وإنّما حصلت الملكية بعدها، إلا أنّ آثار الملكية ترتبت من حين العقد.

وبعبارة أخرى: الكشف الحكمي عبارة عن ترتيب كل أحكام الملك سابقاً غير أنّ العين ليست بملك. وبناءً عليه، فلا فرق بين الكشف الحقيقي والحكمي من حيث العمل، فلو علم المشتري بأنّ الإجازة ستتحقق، جاز له التصرف في العين على الكشف الحكمي، كما جاز له التصرف فيها على الكشف الحقيقي.

خامساً: الكشف المشهوري: وهو ما اشتهر بين الأصحاب، وهو بين النقل والكشف؛ أي النقل في الملكية والكشف في المملوك؛ بأن يكون اعتبار الملكية بعد الإجازة، والمعتبر قبلها؛ فبالإجازة يزول سلطان المالك الأصلي ويأتي سلطان المشتري، لكن المسلّط عليه، وهو المبيع من زمان العقد، فالملكية لاحقة للإجازة، وبهذا الاعتبار صحّ التعبير بالنقل والانتقال. والمملوك سابق، وبهذا الاعتبار صحّ التعبير بالكشف، ويترتب فعلاً تمام آثار مملوكية المبيع من زمان سابق، ويحكم بملكية المنافع للمشتري بعد أن كانت محكومة بأنّها للمالك. وتفصيل ذلك يأتي في مباحث الفقه.

إذا عرفت ذلك فنقول: أمّا بناءً على أنّ الإجازة ناقلة، فلا إشكال؛ لفرض أنّ الملكية وآثارها حصلت بعد الإجازة، فلا تكون شرطاً متأخراً.

وأمّا بناءً على الكشف الحقيقي ومؤثّرية الإجازة، فهي مستحيلة بناءً على ما ذهبنا إليه من استحالة الشرط المتأخر؛ لما تقدم من استحالة تأثيرها في الموجود حال كونها معدومة.

وأمّا الكشف الانقلابي، فهو باطل؛ لأنّ الشيء لا ينقلب عمّا وقع عليه.

وأمّا الكشف الحكمي، فهو وإن كان ممكناً ثبوتاً، إلا أنّ كون الملكية حاصلة من حين الإجازة والآثار حاصلة من حين العقد بعيداً، ويحتاج إلى دليل يدلّ عليه.

فيبقى الكشف البرزخي، فهو ممكن ثبوتاً؛ إذ لا يلزم منه تأثير المعدوم في الموجود، وواقع إثباتاً، كما يظهر من الروايات أنّها تفيد مفاده، فالملكية حاصلة من حين الإجازة، وكذا الآثار وإن كانت قبل الإجازة للمالك لكنّها صارت للمشتري بعدها.

وعليه، فعلى القول بالكشف البرزخي يندفع إشكال الشرط المتأخر، بل حتى القول بالكشف الحقيقي لا يلزمه القول بالشرط المتأخر؛ إذ يمكن دعوى أنّ الشرط عبارة عن تعقّب العقد بالإجازة، فيكون العقد المتعقب بها صحيحاً؛ فإنّ وصف التعقب مقارن للعقد، وإن كان متعلّقه متأخراً؛ إذ يكفي في انتزاع الوصف العلم بحصوله ولو بعد حين. ولكن هذه الدعوى في باب الفضولي وإن كانت ممكنة، إلا أنّه لا يساعد عليها الاعتبار ولا الدليل، فيحتاج القول بها إلى دليل يدلّ على ذلك، وهو مفقود.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2514
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 10-09-2013
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12