(1) زوال الشَّمس: عبارة عن ميلها عن وسط السَّماء، وانحرافها عن دائرة نصف النَّهار.
ثمَّ إنَّ المعروف بين الأعلام قاطبة: أنَّ وقت الظهر يبدأ من زوال الشمس، وادَّعى جماعة كثيرة الإجماع على ذلك، وعن المنتهى: «بلا خلاف بين أهل العلم»، وعن الخلاف: «إجماع المسلمين»، بل عن بعضٍ: أنَّه قد يكون ضروريّاً من ضروريات الدِّين.
ويدلَّ عليه مضافاً إلى التسالم بين المسلمين قوله تعالى: « أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ...﴾ ]الإسراء: 78[، والدُلُوك: هو الزَّوال على ما نصّ عليه جماعة من أهل اللغة.
ودلّت عليه صحيحة زرارة «قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَمَّا فَرَضَ الله سبحانه وتعالىمِنَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اللَّيْلِ والنَّهَارِ، فَقُلْتُ: فَهَلْ سَمَّاهُنَّ وبَيَّنَهُنَّ فِي كِتَابِه؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ اللَّه تَعَالَى لِنَبِيِّه صلى الله عليه وآله: «أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾، ودُلُوكُهَا: زَوَالُهَا، وفِيمَا بَيْنَ دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ: أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ، سَمَّاهُنَّ اللَّه، وبَيَّنَهُنَّ، ووَقَّتَهُنَّ، وغَسَقُ اللَّيْلِ: هُوَ انْتِصَافُه، ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ وتَعَالَى: «وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ ]الإسراء: 78[، فَهَذِه الْخَامِسَةُ، وقَالَ تبارك تَعَالَى فِي ذَلِكَ «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ﴾ ]هود: 114[، وطَرَفَاه: الْمَغْرِبُ والْغَدَاةُ، «وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ﴾ ]هود: 114[، وهِيَ: صَلَاةُ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، وقَالَ تَعَالَى: « حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ﴾ ]البقرة: 238[، وهِيَ: صَلَاةُ الظُّهْرِ، وهِيَ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلاَّهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله، وهِيَ وَسَطُ النَّهَارِ...»[i]f151، وهذه الصحيحة فيها فوائد كثيرة، كما لا يخفى.
وأمَّا الأخبار الدَّالّة على أنّ وقتَ الظُّهرين يبدأ من الزوال، فهي متواترة معنىً، بل فوق التواتر:
منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «قال: إذا زالتِ الشَّمس دخلَ الوقتان: الظهر والعصر، فإذا غابت الشَّمسُ دخل الوقتان: المغرب والعشاء الآخرة»[ii]f152.
ومنها: خبر عُبَيْد بن زرارة «قال: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن وقتِ الظهرِ، والعصر، فقال: إذا زالتِ الشَّمسُ فقد دخل وقت الظُّهر والعصر جميعاً، إلاَّ أنَّ هذه قبلَ هذه، ثمّ أنت في وقت منهما جميعاً حتَّى تغيبَ الشَّمس»[iii]f153، ولكنَّه ضعيف، لعدم وثاقة القاسم بن عُروة.
ومنها: مرسلة داود بن أبي يزيد وهو داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام «قال: إذا زالتِ الشَّمس فقد دخل وقت الظُّهر حتَّى يمضي مقدار ما يصلِّي المصلِّي أربع ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخلَ وقت الظُّهر، والعصر...»[iv]f154، وقد تقدَّمت، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.
ومنها: خبر مالك الجهني «قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقتِ الظُّهر، فقال: إذا زالتِ الشَّمس فقد دَخَل وقت الصَّلاتَيْن»[v]f155، ولكنَّه ضعيف لعدم وثاقة مالك بن أعين الجهني.
وأمَّا الأخبار الواردة في مدحه فلا تنفع، لأنَّه هو روايها، إلى غير ذلك من الروايات المتواترة معنىً.
[i] الوسائل باب 2 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح1.
[ii] الوسائل باب 4 من أبواب المواقيت ح1.
[iii] الوسائل باب 4 من أبواب المواقيت ح5.
[iv] الوسائل باب 4 من أبواب المواقيت ح7.
[v] الوسائل باب 4 من أبواب المواقيت ح11.
|