(2) قال المصنِّف R في الذكرى: «ولو أُعتقت الأمة في الأثناء وجب عليها الستر، فإن افتقرت إلى فعل كثير استأنفت مع سعة الوقت وأتمّت، لا معه، لتعذّر الشّرط حينئذٍ فتصلّي بحسب المكنة»، وقال الشيخ في المبسوط: «فإن أُعتقت المملوكة في حال الصلاة وقدرت على ثوب تغطي رأسها وجب عليها أخذه وتغطية الرأس به، وإن لم تتم لها ذلك إلاّ بأن تمشي إليه خطوات قليلةً من غير أن تستدير القبلة كان مثل ذلك، وإن كان بالبعد منها، وخافت فوات الصَّلاة أو احتاجت إلى استدبار القبلة صلّت كما هي، وليس عليها شيء، ولا تبطل صلاتها».
وبالجملة، فالمعروف بين الأعلام الصحَّة إن لم يتخلّل زمان بين العتق وستر رأسها، كما لو كانت ساترة رأسها آناً ما قبل العتق، بل لا إشكال في هذه الصُّورة، وإنّما الكلام لو تخلّل زمان بين العتق وستر رأسها، بحيث بادرت إلى ستر رأسها، بلا فعل منافٍ فالمعروف بين الأعلام أيضاً الصحَّة في هذه الصُّورة قال صاحب الجواهر R: «لعموم الدليل وزوال المسقط، وصدق الامتثال، وأصالة صحَّة ما مضى فيختص التكليف حينئذٍ بالستر للباقي، ويلزمه العفو عن التكشّف زمن الاشتغال بالامتثال إلى أن قال: نعم يؤيّد الصحَّة في المقام عدم الخلاف فيها فيما أجد إلاّ ما حكاه في كشف اللثام عن ابن إدريس من البطلان، بناءً على أنّ انكشاف العورة كالحدث فيها، مع أنّ المحكي عن سرائره، خلاف ذلك...».
أقول: إن ثبت التسالم بين الأعلام على الصحَّة في هذه الصُّورة فبه، وكفى به دليلاً، وإلاّ فلا بدّ من التماس دليل آخر، وقد استدلّوا بثلاثة أدلَّة:
الأوّل: أصالة البراءة عن شرطيّة التستر في الآن المتخلّل، لقصور الأدلَّة اللفظيّة عن إثبات اعتبار التستر فيما عدا الأفعال من الأكوان المتخلّلة.
وفيه: أنَّ المفهوم من الأدلَّة اللفظيّة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى اعتبار التستّر من أوّل الصَّلاة إلى آخرها، والتخصيص بالأفعال لا دليل عليه، ومن هنا لا مورد حينئذٍ لأصالة البراءة.
الثاني: حديث: «لا تُعاد الصَّلاة إلاّ من خمسة»، بناءً على شموله لمطلق الخَلَل، وإن كان عن غير سهو، ما لم يكن عن عمد واختيار، وعلى جواز تطبيقه ولو في أثناء الصَّلاة، وبناءً عليه فلو رفعت المعتقة يدها عن صلاتها وأعادتها بعد التستر فقد أعادت الصَّلاة من غير الخمس المستثناة، مع أنّ الحديث ينفي ذلك.
والخلاصة: أنّ حديث: «لا تعاد» يصحّح صلاتها لو استمرت بعد التستّر.
وفيه: أنّ حديث: «لا تعاد»، وإن كان يشمل مطلق الخَلَل ويصحّ تطبيقه ولو في الأثناء، إلَّا أنّه إمّا مختصّ بالناسي كما عن المحقّق النائيني R، أو يشمل الجاهل القاصر كما اخترناه، وعلى الحالتين فلا يشمل الملتفت إلى الخَلَل في ظرفه، كما فيما نحن فيه.
الثالث: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر N «قال: سألته عن الرّجل صلّى وفرجه خارج لا يعلم به، هل عليه إعادة، أو ما حاله؟ قال: لا إعادة عليه، وقد تمّت صلاته»[i]f39، بناءً على إطلاقها الشامل لصورة الالتفات في الأثناء المستلزم بعد التستّر التكشّف من زمان العلم إلى زمان وقوع التستّر، فإذا لم يضرّ هذا المقدار في كشف العورة، فبالأولويّة يتعدّى منه إلى المقام.
ويرد عليه: أنّ الصّحيحة، وإن كانت مطلقة بحيث تشمل صورة الالتفات في الأثناء كما قوّيناه إلاَّ أنّ ذلك مخصوص بما لو علم بالكشف بعد سترها، كما لو علم وهو قائم أنّ العورة كانت مكشوفة حال الركوع وهي الآن مستورة، ولم يفرض في الصحيحة الكشف حين الالتفات الذي هو محلّ الكلام، ليتعدّى منه إلى المقام، ولا إطلاق في الصحيحة، بحيث يشمل الكشف حين الالتفات.
والخلاصة: أنَّ الأقرب في هذه الصُّورة بطلان الصَّلاة، ولزوم الإعادة.
[i] الوسائل باب 27 من أبواب لباس المصلّي ح1.
(1 2) الوسائل باب 64 من أبواب لباس المصلي ح2 و3.
|