الثالث عشر: المفضّل بن صالح أبو جميلة الأسدي
وقد ضعّفه النجاشي رحمه الله عندما ذكر جابر بن يزيد الجعفي. قال: «روى عنه جماعة غمز فيهم وضعفوا، منهم: عمرو بن شمر، ومفضّل بن صالح، ومنخل بن جميل، ويوسف بن يعقوب... الخ»[1].
وضعّفه أيضاً ابن الغضائري رحمه الله قال: «المفضّل بن صالح أبو جميلة الأسدي النخّاس مولاهم، ضعيف، كذاب، يضع الحديث... الخ»[2].
ولكنّك عرفت سابقاً، أنّ تضعيفات ابن الغضائري لا يعوّل عليها.
وعدّه الشيخ رحمه الله في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، ولم يذكره لا بمدح ولا بذمّ قال: «مفضّل بن صالح، أبو علي، مولى بني أسد، يكنّى بأبي جميلة أيضاً مات في حياة الرضا عليه السلام... الخ»[3].
وقال الشيخ رحمه الله في الفهرست: «مفضّل بن صالح، يكنّى أبا جميلة، له كتاب، وكان نخّاساً يبيع الرقيق، ويقال: إنّه كان حداداً... الخ»[4].
وقال العلاّمة رحمه الله في الخلاصة: «مفضّل بن صالح، أبو جميلة الأسدي النحاس، مولاهم، ضعيف، كذاب، يضع الحديث، روى عن أبي عبد الله عليه السلام وعن أبي الحسن عليه السلام... الخ»[5].
وذكرنا سابقاً، أنّ توثيقات وتضعيفات المتأخرين لا اعتبار بها، لأنّها مبنيّة على الحدس.
والخلاصة: إنّ الرجل ضعيف لتضعيف النجاشي رحمه الله.
وأمّا القول بأنّ تضعيفه لأجل الاعتقاد فيه بالغلو، فصار ذلك مبدأ للتضعيف.
ففي غير محلّه، لأنّه خلاف ظاهر العبارة.
هذا بالنسبة للمشايخ الضعفاء الذين روى عنهم ابن أبي عمير. وقد عرفت ما هو الإنصاف في حقّ كلّ شخص منهم.
ترجمة الأشخاص الضعفاء
الذين روى عنهم صفوان بن يحيى
قد ذكرنا سابقاً أنّه روى عن سبعة أشخاص من الضعفاء، وهم:
يونس بن ظبيان.
صالح النيلي.
علي بن أبي حمزة.
عبد الله بن خِداش.
محمد بن سنان.
المعلّى بن خنيس.
المفضّل بن صالح أبو جميلة.
وقد تقدم الكلام عن خمسة منهم، وبقي اثنان، وهما: صالح النيلي، وعبد الله بن خِداش.
الأوّل: صالح النيلي
وقد ضعّفه النجاشي رحمه الله قال: «صالح بن الحكم النيلي الأحول ضعيف، روى عن أبي عبد الله عليه السلام، روى عنه ابن بكير وجميل بن دراج. له كتاب، يرويه عنه جماعة... الخ»[6].
وذكره الشيخ رحمه الله في رجاله: «وعدّه من أصحاب الصادق عليه السلام ولم يذكر في حقّه شيئاً»[7].
وقد يستدلّ على وثاقته بوجوده في كتاب كامل الزيارات.
ولكنّك عرفت أنّ ابن قولويه إنّما وثّق مشايخه المباشرين فقط، وصالح النيلي ليس منهم.
الثاني: عبد الله بن خِداش
وقد ضعّفه النجاشي رحمه الله قال: «عبد الله بن خِداش أبو خداش المهري ضعيف جداً، وفي مذهبه ارتفاع. له كتاب أخبرناه ابن شاذان عن أحمد بن محمد بن يحيى... الخ»[8].
ولكن نقل الكشي رحمه الله عن محمد بن مسعود توثيقه: روى الكشي عن محمد بن مسعود قال: «أبو محمد عبد الله بن محمد بن خالد أبو خداش عبد الله بن خِداش المهري، ومهرة محلة بالبصرة، وهو ثقة.
قال محمد بن مسعود: وحدّثني يوسف بن السخت، قال: سمعت أبا خِداش يقول: ما صافحت ذمياً قط، ولا دخلت بيت ذمّي، ولا شربت دواءً قط، ولا افتصدت ولا تركت غسل يوم الجمعة قط، ولا دخلت على والٍ قط، ولا دخلت على قاض قط»[9]. انتهى.
ويوسف بن السخت غير موثق.
ثمّ إنّ تضعيف النجاشي رحمه الله مقدّم على توثيق الكشي رحمه الله، لما عرفت أنّ الجارح مقدّم على المزكي، لا سيّما أنّ الجارح هو النجاشي رحمه الله المقدّم على غيره مطلقاً.
ترجمة الأشخاص الضعفاء
الذين روى عنهم أحمد بن محمد
قد ذكرنا سابقاً أنّه روى عن خمسة أشخاص من الضعفاء، وهم:
الحسن بن علي بن أبي حمزة.
علي بن أبي حمزة.
عبد الرحمن بن سالم.
عبد الله بن محمد الشامي.
المفضّل بن صالح.
وقد تقدم الكلام عن ثلاثة منهم، وبقي الكلام عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، وعبد الله بن محمد الشامي.
الأوّل: الحسن بن علي بن أبي حمزة
قال النجاشي رحمه الله في ترجمته: «الحسن بن علي بن أبي حمزة واسمه سالم البطائني، قال أبو عمرو الكشي فيما أخبرنا به محمد بن محمد عن جعفر بن محمد عنه، قال: قال محمد بن مسعود: سألت علي بن الحسن بن فضّال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، فطعن عليه. وكان أبوه قائد أبي بصير يحيى بن القاسم. هو الحسن بن علي بن أبي حمزة مولى الأنصار كوفي. ورأيت شيوخنا رحمهم الله يذكرون أنّه كان من وجوه الواقفة... الخ»[10].
ومحمد بن محمد بن النعمان من شيوخ النجاشي الأجلاّء الثقات.
وأمّا جعفر بن محمد، فهو ابن قولويه صاحب كتاب كامل الزيارات، وهو أشهر من أن يعرّف، ولكن يبقى أنّ الطعن عليه قد يكون لدينه، كما لعلّه الظاهر.
وقال ابن الغضائري رحمه الله: «الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني مولى الأنصار، أبو محمد، واقِف ابن واقِف، ضعيف في نفسه، وأبوه أوثق منه، وقال الحسن بن علي بن فضال: إنّي لأستحي من الله أن أروي عن الحسن بن علي، وحديث الرضا عليه السلام فيه مشهور... الخ»[11].
وفيه: ما لا يخفى، فإنّ حديث الرضا عليه السلام إنّما هو في حقّ أبيه كما ذكرنا.
ثمّ إنّك قد عرفت، أنّ تضعيفات ابن الغضائري رحمه الله لا يعوّل عليها.
وروى الكشي رحمه الله عن محمد بن مسعود. قال سألت علي بن الحسن بن فضّال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني؟ فقال: «كذاب ملعون رويت عنه أحاديث كثيرة وكتبت عنه تفسير القرآن كلّه من أوّله إلى آخره، إلاّ أنّي لا استحلّ أن أروي عنه حديثاً واحداً.
وحكى لي أبو الحسن حمدويه بن نصير، عن بعض أشياخه، أنّه قال: الحسن بن علي بن أبي حمزة رجل سوء»[12].
وقول بن فضّال، أنّه كذاب، هو تضعيف له. وحمل الكذب على أنّه كذب في العقيدة خلاف الظاهر جداً.
وروى الكشي رحمه الله في ترجمة شعيب العقرقوفي رواية طويلة، ثمّ قال في آخرها: «قال أبو عمرو: محمد بن عبد الله بن مهران غالٍ. والحسن بن علي بن أبي حمزة كذّاب غالٍ. قال: ولم أسمع في شعيب إلاّ خيراً، وأولياؤه أعلم بهذه الرواية»[13].
وهذا تضعيف من نفس الكشي رحمه الله.
الثاني: عبد الله بن محمد الشامي
فقد ذكره الشيخ رحمه الله في رجاله ولم يذكره بمدح ولا ذمّ[14].
ونقل النجاشي رحمه الله في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى استثناء ابن الوليد والصدوق إياه من رجال نوادر الحكمة[15].
ومهما يكن، فإنّ الرجل إن لم يكن ضعيفاً، فهو مجهول الحال.
[2] رجال ابن الغضائري، ص88.
[9] اختيار معرفة الرجال، ج2، ص745، ح840.
[11] رجال ابن الغضائري، ص51.
[12] اختيار معرفة الرجال، ج2، ص827، ح1042.
[13] اختيار معرفة الرجال، ج2، ص742، ح831.
|