• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الرجال .
              • القسم الفرعي : عبارات التوثيق والتضعيف / بحث الرجال .
                    • الموضوع : الدرس 13 _ عبارات التضعيف والتوثيق 4 .

الدرس 13 _ عبارات التضعيف والتوثيق 4

الثامنة: الواقع في سند صحيح:

ذهب بعض الأعلام إلى أنّه كلّ من وقع في سند قد حكم بصحّته أحد الأعلام المتقدمين، فيكون ذلك الشخص الواقع في السند ثقة، فمثلاً ذكر لنا كلّ من الشيخ النجاشي[1] والطوسي (رحمهما الله)[2] في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى أنّ ابن الوليد صحَّح روايات ابن يحيى باستثناء ما رواه عن جماعة.

وبالتالي، فكلّ من وقع في أسانيد هذه الروايات ثقة ما خلا من استثناهم ابن الوليد.

وهكذا فعل الشيخ الصدوق رحمه الله، وأبو العباس بن نوح، إلاّ أنّه لم يستثنِ محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني رغم استثناء ابن الوليد والصدوق له.

وفيه: أوّلاً: أمّا بالنسبة إلى اليقطيني.

فالإنصاف فيه: أنّه ثقة في نفسه مقبول الحديث، ولعلّ ابن الوليد لم يعمل برواياته، لأنّه كان صغيراً حين الحضور لدى الأستاذ.

وفي الواقع، إنّه لم يكن صغيراً بذاك المعنى الذي يمنع من فهم الرواية وأخذها من الأستاذ.

ثانياً: أمّا بالنسبة للشيخ الصدوق، فقد نصّ رحمه الله على أنّه يتبع أستاذه ابن الوليد في التوثيق والتضعيف؛ حيث قال: «وأمّا خبر صلاة يوم غدير خمّ والثواب المذكور فيه لمن صامه، فإنّ شيخنا محمد بن الحسن رحمه الله كان لا يصحّحه، ويقول: إنّه من طريق محمد بن موسى الهمداني، وكان كذاباً غير ثقة، وكلّ ما لم يصحّحه ذلك الشيخ (قدس الله روحه) ولم يحكم بصحّته من الأخبار، فهو عندنا متروك غير صحيح»[3].

والإنصاف: أنّ مجرّد تصحيح ابن الوليد وغيره من الأعلام المتقدمين للرواية لا يدلّ على وثاقة رجالها، ذلك أنّ الصحّة آنذاك كانت وصفاً للحديث الذي يُطمأنّ لصدوره، لا للحديث الذي يكون كلّ رجاله ثقات، كما هو الحال من زمن ابن داود والعلاّمة (رحمهما الله) إلى يومنا هذا.

وعليه، فيكون تصحيح ابن الوليد للروايات أعمّ من أن يكون لوثاقة رجاله، فلا يكون التوثيق لازماً للتصحيح.

التاسعة: خيِّر:

ذهب بعض الأعلام إلى أنّ وصف أحد الرجال بأنّه (خيِّر) كاشف عن وثاقته.

والإنصاف: أنّ في هذا التعبير دلالة على المدح المعتدّ به لا على الوثاقة، وخصوصاً إذا كان صادراً ممّن يعتدّ بشهادته، كثقة الإسلام الكليني رحمه الله الذي شهد بأنّ أبا محمد الأنصاري خيِّر[4].

وقد وقع في حسنة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام ­ في حديث ­ أنّه قال لشيخ: «أين أنت عن قبر جدّي المظلوم الحسين؟ قال: إنّي لقريب منه، قال: كيف إتيانك له؟ قال: إنّي لآتيه وأُكثِر، قال: ذاك دم يطلب الله تعالى به. ثمّ قال: كلّ الجزع والبكاء مكروه ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين عليه السلام»[5].

وإنّما قلنا حسنة، لأنّ أبا محمد الأنصاري ممدوح مدحاً متعداً به.

إلاّ أنّ شيخنا الأستاذ المرجع الديني الشيخ التبريزي (رحمه الله برحمته الواسعة وجعل الجنة مثواه) كان يذهب إلى صحّتها.

وفيه: ما لا يخفى.

العاشرة: مادح نفسه:

ذهب بعض الأعلام أيضاً إلى أنّه إن نقل أحد الموالين مدح الإمام عليه السلام له، فهذا دالّ على كونه موثوقاً، فإنّ الإمامي لا يفتري على إمامه.

وفيه: أنّه في غير محلّه فإنّ من الناس ­ موالين كانوا أم لا ­ من يفتري على الله عزّ وجلّ ، فيهون عليه حينئذٍ الافتراء على الإمام عليه السلام.

الحادية عشرة: كثرة الرواية عنه:

ذكر بعض الأعلام أنّ كثرة رواية الأصحاب عن شخص كاشفة عن وثاقته.

والحقّ، أنّ كثرة الرواية لا تدلّ على مدح الراوي فضلاً عن وثاقته، فهذا سهل بن زياد يضعّفه كلّ من النجاشي والطوسي (رحمهما الله) مع أنّ الشيخ الكليني رحمه الله أكثر الرواية عنه.

الثانية عشرة: محبّة الإمام عليه السلام له:

قيل: إنّه إن ثبتت محبّة الإمام عليه السلام لأحد، فهذا دالّ على وثاقته، بل على رفيع منزلته.

وفيه: أنّه لمّا كانت علل المحبة كثيرة، إذ قد يحبّ الإمام شخصاً لكرمه أو شجاعته أو لغير ذلك، كما ورد في خبر مالك بن أعين أنّ الإمام الباقر عليه السلام أحبّ امرأة تبرأ من عليّ، فلعلّه أحبّها لجهة ما، وليس لأجل الوثاقة[6].

وعليه، فإذا كانت المحبة معلولاً نوعياً لهذه الأمور، فلا يلزم منها أن يكون المحبوب ثقة حتماً، ولا ممدوحاً مدحاً معتداً به.

الثالثة عشرة: الشهادة في كربلاء:

ذكر بعض الأعلام أنّ من استشهد في كربلاء بين يدي الحسين عليه السلام ثقة جليل القدر.

ومقتضى الإنصاف: أنّه لا ريب في أنّ الشهادة بين يدي المعصوم عليه السلام توفيق ما بعده توفيق، وأنّها رفعة ما بعدها رفعة، إلاّ أنّه لا يلزم من ذلك توثيقه في رواياته التي رواها قبل استشهاده، ولا سيّما إذا لم يكن من أتباع الإمام عليه السلام قبل توفيقه للدخول في طاعة الإمام والشهادة بين يديه.

وبالجملة، لا ملازمة بين حسن العاقبة والوثاقة قبل ذلك. فتأمّل.

الرابعة عشرة: إذن الإمام عليه السلام بالإفتاء:

من الأمور التي تدلّ على الوثاقة، هو أن يأذن الإمام عليه السلام لشخص بأن يفتي في الناس، فإنّ ذلك كاشف عن وثاقته التي جعلته أميناً على الشريعة وأحكامها.

ومن هؤلاء: أبان بن تغلب رحمه الله؛ فقد ورد قول أبي جعفر الباقر عليه السلام في حقه: «إجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس، فإنّي أحبّ أن يُرى في شيعتي مثلك»[7]. وقال أبو عبد الله عليه السلام لمّا أتاه نعيه: «أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان»[8].

وكذا زرارة بن أعين رحمه الله؛ كما جاء في خبر المفضل بن عمر، أنّ أبا عبد الله عليه السلام قال للفيض بن المختار في حديث: «فإذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس، وأومأ إلى رجل من أصحابه، فسألت أصحابنا عنه، فقالوا: زرارة بن أعين»[9].

ولا يخفى عليك، أنّ زرارة بن أعين وأبان بن تغلب من أعاظم أصحاب الأئمة عليهم السلام، وورد في حقّهما من التوثيق والمدح ما لم يرد في غيرهما، وإنّما الكلام لو فرض أنّه لم يُوثّقا بالخصوص، فلا إشكال حينئذٍ في أنّ الإذن لهما بالإفتاء دالّ على وثاقتهما، بل على عدالتهما، والله العالم.

الخامسة عشرة: له كتاب معتمد:

ذهب بعض الأعلام إلى أنّ من كان له كتاب معتمد، فهو ثقة أو ممدوح مدحاً معتدّاً له.

والحق، أنّ ذلك أوسع من التوثيق والمدح، إذ قد يكون الاعتماد ناشئاً من قرائن خاصّة متعلّقة بالكتاب، خصوصاً في ذلك الزمن القريب من عصر النصّ، لا أنّه ناشىء من وثاقة صاحبه.

فمثلاً طلحة بن زيد؛ فقد قال الشيخ رحمه الله فيه: «له كتاب، وهو عامي المذهب، إلا أنّ كتابه معتمد»[10].

فلو كان اعتماد كتابه لوثاقته وليس لاجتهاد الشيخ اعتماداً على قرائن خاصة، لكان كتابه معتمداً عند النجاشي رحمه الله أيضاً، إلا أنّنا نجده قال فيه: «له كتاب يرويه جماعة يختلف برواياتهم»[11].

ومن هنا، اتضح أن اتباع الشيخ في هذا الاعتماد كما عن السيد الخوئي رحمه الله في غير محلّه.

إن قيل: إن كان اعتماد كتاب طلحة غير كافٍ في توثيقه، فلماذا اعتمد على حفص بن غياث وعمل برواياته، وشأنه شأن طلحة، فإنّ كلاًّ منهما عاميّ، وله كتاب معتمد؛ كما يذكر ذلك الشيخ رحمه الله: «حفص بن غياث القاضي، عامي المذهب، له كتاب معتمد»[12].

قلتُ: إنّ العمل بروايات بن غياث ليس لاعتماد كتابه، وإنّما لما ذكره الشيخ في حقّه ممّا يكفي للكشف عن القبول عنه، وهو إجماع الطائفة على العمل بروايته[13].

السادسة عشرة: روايته مقبولة:

هذه العبارة إن كان المراد منها كلّ رواياته مع فرض كثرتها، فهي تدلّ على التوثيق أو أقلّه على المدح المعتد به.

وإن كان المراد منها بعض رواياته، فهي لا تدلّ على أيّ منهما.

 

[1] &محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري القمي أبو جعفر، كان ثقة في الحديث. إلا أن أصحابنا قالوا: كان يروي عن الضعفاء، ويعتمد المراسيل، ولا يبالي عمّن أخذ، وما عليه في نفسه مطعن في شيء، وكان محمد بن الحسن بن الوليد يستثنى من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن محمد بن موسى الهمداني، أو ما رواه عن رجل، أو يقول بعض أصحابنا، أو عن محمد بن يحيى المُعَاذِيّ...$ رجال النجاشي، ص348.

[2] الفهرست، ص221.

[3] من لا يحضره الفقيه، ج2، ص55 ذيل ح18.

[4] الكافي، ج3، باب أن المؤمن لا يكره على قبض روحه، ضمن ح1.

[5] وسائل الشيعة، باب 66 من أبواب المزار، ح10.

[6] خبر مالك بن أعين، قال: &دخلت على أبي جعفر عليه السلام وعليه ملحفة حمراء شديدة الحمرة، فتبسمت حين دخلت، فقال: كأني أعلم لم ضحكت؟ ضحكت من هذا الثوب الذي هو عليّ، إن الثقفية أكرهتني عليه، وأنا أحبها، فأكرهتني على لبسها، ثم قال: إنّا لا نصلي في هذا ولا تصلوا في المشبع المضرج. قال: ثم دخلت عليه وقد طلقها، فقال: سمعتها تبرأ من علي عليه السلام، فلم يسعني أن أمسكها وهي تبرأ منه$. وسائل الشيعة، باب 59 من أبواب لباس المصلي، ح1.

[7] الفهرست، ص57.

[8] الفهرست، ص57.

[9] وسائل الشيعة، باب 11 من أبواب صفات القاضي، ح19.

[10] الفهرست، ص149.

[11] رجال النجاشي، ص207.

[12] الفهرست، ص116.

[13] عدة الأصول، ج1، ص149.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2083
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 08-01-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12