• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاجتهاد والتقليد / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 5 _ الاجتهاد والتقليد 5 .

الدرس 5 _ الاجتهاد والتقليد 5

وثانياً: ان الإشكال إنما يرد إذا كان دليل التقليد منحصراً برواية ابن حنظلة وغيرها ممّا اعتبر في موضوعه عنوان العارف بأحكامهم والعالم بها، ولكنه غير منحصر بذلك بل يدل عليه القاعدة العقلائية الإرتكازية المقّتضية لرجوع الجاهل بالوظيفة الفعلية الظاهرية من العقلية والشرعية إلى العالم بها.
وإن شئت، فقل: هو رجوع من لم يكن عنده حجّة على الوظيفة الفعلية الظاهرية سواء كانت شرعية أو عقلية إلى من كان عنده حجّة عليها شرعية أو عقلية، فلا إشكال حينئذٍ في جواز رجوعه إلى الإنسدادي بعد كونه ذا حجّة عقلية في فتواه بمناط الحكومة، فإذا تعلّق ظن المجتهد بالتكليف الذي له علاقة بالغير وكان ظنه ذلك حجّة ولو من باب الحكومة، كما هو المفروض كان له الإفتاء على طبق ظنونه، ولازمه بمقتضى القاعدة الارتكازية العقلائية جواز رجوع الغير إليه وحجّية فتواه في حقه بعد رجوعه إليه. هذا كلّه بناءً على الحكومة.

وأمّا بناءً على الكشف:
فقال صاحب الكفاية: «وأمّا على تقدير الكشف وصحته فجواز الرجوع إليه في غاية الإشكال، لعدم مساعدة أدلّة التقليد على جواز الرجوع إلى من اختص حجّية ظنه به وقضية مقدمات الانسداد اختصاص حجّية الظنّ بمن جرت في حقه دون غيره...الخ». (انتهى كلامه).
وحاصل الإشكال: أنه بناءً على القول بالكشف وأن الظنّ طريق منصوب من قبل المولى في حال الانسداد كالطرق المعتبرة بأدلّة خاصة عند الإنفتاحي، هو اختصاص حجّية الظنّ بمن جرت في حقه مقدمات الانسداد وهو المجتهد لأنه الموضوع لحجّية هذا الظن، فلا يمكن التعدّي عنه إلى غيره. ومن هنا لا يشمله دليل التقليد. وبالجملة فإن المجتهد هو الذي انسدّ عليه باب العلم والعلمي، وجرت في حقه مقدمات الانسداد، وصار الظنّ بالأحكام حجّة عليه، وهذا الدليل قاصر عن إثبات حجّية الظنّ لغير المجتهد.
ولكن الإنصاف: انه يجوز تقليده بناءً على القول بالكشف، لأنه عالم بالأحكام الشرعية كالإنفتاحي القائل بالظنون الخاصة، غايته أن الإنفتاحي قد علم بالطرق الشرعية المنصوبة بأدلّة خاصة من الآيات والروايات، والإنسدادي قد علم بنصب الظنّ المطلق طريقاً مثبتاً للأحكام بمقدمات الانسداد، وعليه، فيكون الرجوع إليه من باب رجوع الجاهل إلى العالم لا إلى الجاهل، كما هو ظاهر، والله العالم.

الأمر الخامس: في نفوذ حكمه في المرافعات.
المعروف بين الأعلام قاطبة: أن المجتهد المطلق الإنفتاحي الذي استنبط جملة وافية من الأحكام الشرعية: حكمه نافذ، لأن هذا المجتهد الإنفتاحي عالم بالأحكام الشرعية، فيكون مشمولاً لقوله (عليه السّلام) في رواية ابن حنظلة: «ممّن قد نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا...»، ومشمولاً أيضاً، لقوله (ع) في صحيحة أبي خديجة: «ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا...». وكذا غيرهما من الروايات.
وأمّا المجتهد الإنسدادي: فلا إشكال أيضاً في نفوذ حكمه في المرافعات بناءً على الكشف، فإنه بناءً على الكشف يكون الظنّ طريقاً منصوباً من قبل الشارع المقدس كالطرق المنصوبة من قبله عند الإنفتاحي، وعليه، فيكون الإنسدادي بناءً على الكشف عالماً بالإحكام الشرعية، فيصدق على مثله انه ناظر في حلالهم وحرامهم وعارف بأحكامهم (عليه السّلام).
وأمّا بناءً على الحكومة، فقد يستشكل في نفوذ قضائه لإنه ليس ممّن يعرف الأحكام بل هو جاهل بها، ومن الواضح ان المنصوب للقضاء في لسان الروايات هو العالم بالأحكام والعارف بالحلال والحرام وكل منهما لا ينطبق على الإنسدادي بناءً على الحكومة.
ولكن ذكر جماعة من الأعلام، انه يمكن توجيه نفوذ حكم الإنسدادي بناءً على الحكومة من جهة كفاية علمه بجملة من الأحكام الضرورية من المذهب والمسائل الواقعة في موارد الإجماعات القطعية والأخبار المتواترة معنى أو المحفوفة بالقرائن القطعية، فإنه بذلك يصدق عليه أنه عالم بشيء معتدّ به من الأحكام وقضاياهم (عليه السّلام).
أقول: من يمارس الاستنباط من كتاب الطهارة إلى باب الديات، يجد كثيراً من الأحكام الشرعية مقطوعاً بها لعدّة أسباب، فهل يكون مشمولاً لقول الصادق (عليه السّلام) في صحيحة أبي خديجة: «إياكم ان يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه»؟
قد يقال: إنه مشمول لقول الإمام (عليه السّلام)، لأن المراد من الإنسدادي ليس هو انسداد باب العلم والعلمي بجميع الأحكام بل المراد انسدادهما بمعظم المسائل، وهذا يجتمع مع علمه بجملة من الأحكام. ولكن الإنصاف: انه في النفس شيء، إذ لا يصدق عليه انه عالم وعارف بجملة وافية من الأحكام، بحيث يكون معتدّاً بها ولا أقل من الشك، فيكون التمسّك بقوله (عليه السّلام) في رواية ابن حنظلة «نظر في حلالنا وحرامنا»، وقوله (عليه السّلام) في صحيحة أبي خديجة «انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا...» من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
والخلاصة: ان الأقوى عدم نفوذ قضائه، هذا تمام الكلام في المجتهد المطلق.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1933
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 30-10-2019
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19