• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : المكاسب المحرّمة .
              • القسم الفرعي : التكسب الحرام وأقسامه / المكاسب (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 32 _ التكسّب الحرام وأقسامه (27). أحدها: ما حرم لعينه: إعانة الظالم في ظلمه. .

الدرس 32 _ التكسّب الحرام وأقسامه (27). أحدها: ما حرم لعينه: إعانة الظالم في ظلمه.

وهي واضحة بأنَّ حضور مَنْ يجبي لهم المال، ويقاتل عنهم، ويشهد جماعتهم، ونحو ذلك، يوجب تقويتهم وتعظيم شوكتهم، وهي دالَّة أيضاً على أنَّ المال المكتسب منهم يجب ردُّه على أصحابه إن عرفهم، وإلَّا تصدَّق به عنهم، وهو ما يعبَّر عنه لوجوب ردِّ المظالم.

الأمر الرَّابع: في حرمة إعانة الظَّالمين في غير جهة ظلمهم، مع عدم صدق كونه من أعوانهم، ولم تكن إعانتهم موجبة لتعظيم شوكتهم، وإلَّا لحرم لِما تقدَّم. وعليه، فالكلام في خصوص مَنْ عمل لهم عملاً مباحاً في حدِّ نفسه، كخياطة ثوب، مع عدم صدق العناوين المتقدِّمة. وقد عرفت أنَّ المشهور على الجواز على كراهيته.
وذهب صاحب الحدائق (رحمه الله)، وبعض الأعلام: إلى الحرمة. وقدِ استُدلُّ لهذا القول بجملة من الرِّوايات المتقدِّمة، كرواية محمَّد عُذَافر عن أبيه، ورواية ابن أبي يعفور، ومعتبرة السَّكوني، وحسنة يونس بن يعقوب، وقد عرفت أنَّ بعضها ضعيف السَّند، كرواية ابن أبي يعفور، ومحمَّد بن عُذَافر. نعم، تدلُّ على الحرمة بالإطلاق.

وأمَّا معتبرة السَّكوني، فهي تدلُّ على حرمة كون الشَّخص من أعوانهم، وحسنة يونس تدلُّ على حرمة تقويَّة شوكتهم، وتعظيم شأنهم.

وقدِ استُدلَّ أيضاً ببعض الرِّوايات:
منها: صفوان بن مهران الجمَّال قال: «دخلت على أبي الحسن الأوَّل (عليه السلام)، فقال لي: يا صفوان! كلُّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً، قلت: جعلت فداك، أيّ شيء؟ قال: إكراؤك جمالك من هذا الرَّجل – يعني: هارون - قلتُ: والله، ما أكريته أشراً، ولا بطراً، ولا للصَّيد ولا للهو، ولكنِّي أكريته لهذا الطَّريق – يعني: طريق مكَّة - ولا أتولَّاه، ولكن أبعث معه غلماني، فقال لي: يا صفوان، أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم، جعلت فداك، فقال لي: أتحبُّ بقاءهم حتَّى يخرج كراؤك؟ قلتُ: نعم، قال: فمَنْ أحبَّ بقاءهم فهو منهم، ومَنْ كان منهم كان ورد النَّار، فقال صفوان: فذهبت وبعت جمالي من آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني، وقال: يا صفوان! بلغني أنَّك بعت جمالك؟ قلتُ: نعم، فقال: لم؟ قلتُ: أنا شيخ كبير، وإنَّ الغلمان لا يفون بالأعمال، فقال: هيهات، إنِّي لأعلم مَنْ أشار عليك بهذا، أشار عليك موسى بن جعفر، قلتُ: ما لي ولموسى بن جعفر، فقال: دع هذا عنك، فوالله، لولا حسن صحبتك لقتلتك».[1] وهي ضعيفة بجهالة محمد بن إسماعيل الرَّازي.
وجه الاستدلال بهذه الرِّواية: هو أنَّ الإعانة كانت في الأمر المباح في نفسه، وهو إكراء الدَّواب للحجِّ، ومع ذلك فقد كان جواب الإمام (عليه السلام) شديداً حتَّى اضطرَّ صفوان لبيع جماله التي هي مورد رزقه.
ومن هنا، قال العلَّامة الطَّباطبائي (رحمه الله): أنَّه إنِ انعقد إجماع على هذا التفصيل، وإلَّا فالمتَّجه التحريم مطلقاً؛ لاستفاضة النُّصوص في المنع عن إعانتهم في المباح بطريق العموم والخصوص، معِ اعتبار سندها وموافقتها الاعتبار، فإنَّ إعانتهم في المباحات تفضي إلى إعانتهم في المحرَّمات، كما أشير إليه في الخبر المتقدم: «لَوْ لَا أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ وَجَدُوا مَنْ يَكْتُبُ لَهُمْ، وَيَجْبِي لَهُمُ الْفَيْ‌ءَ، وَيُقَاتِلُ عَنْهُمْ، وَيَشْهَدُ جَمَاعَتَهُمْ، لَمَا سَلَبُونَا حَقَّنَا، وَلَوْ تَرَكَهُمُ النَّاسُ وَمَا فِي أَيْدِيهِمْ». ولأنَّ ذلك لا ينفكُّ عن الميل، والرُّكون إليهم، وحبُّ بقائهم، كما أشير إليه في رواية صفوان، وغيرها، وقد قال الله تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار...﴾. وفيه أوَّلاً: أنَّ رواية صفوان ضعيفة، كما عرفت. وثانياً: أنَّه يظهر من الرِّواية أنَّ نفس المعاملة معهم ليست محرَّمةً، بل من حيث محبَّة بقائهم، وإن لم يكن معه معاملة.
ويُفهَم من التأمُّل بالرِّواية أنّ  حبّ بقائهم المحذور لا يراد منه مثل محبة صفوان بقائهم حتى يخرج كراؤه، بل المراد الحب الذي أشرب القلب به؛ باعتبار أنَّ القلوب مجبولة على حبِّ من أحسن إليها.

 

[1]


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1865
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 04-04-2019
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12