• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث قواطع الصلاة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس 614 _ قواطع الصلاة 30 .

الدرس 614 _ قواطع الصلاة 30

لا زال الكلام في الأحكام الخمسة بالنسبة لقطع الصلاة.

وقدِ اعترض صاحب الحدائق (رحمه الله) على الشهيد الأوَّل (رحمه الله): «بأنَّ ما ذكره في صورة وجوب القطع من الحكم ببطلان الصَّلاة لوِ استمرّ في صلاته مبنيّ على استلزام الأمر بالشَّيء النَّهي عن ضدّه الخاصّ، والظَّاهر منه في غير موضعٍ من كتابه المذكور عدم القول بذلك؛ وبالجملة فالحكم بالبطلان ضعيف، بل غايته حصول الإثم»[1]. (انتهى كلامه)
واعترض صاحب الجواهر على كلام صاحب الحدائق (رحمه الله) بما حاصله: «أنَّه مأمور بقطع الصَّلاة وإبطالها، لصحيحة حريز الآتية، حيث ورد فيها: «فاقطع الصَّلاة، واتَّبع غلامك، أو غريمك»[2]. والأمر بالقطع يناقض الأمر بالمضي؛ وعليه فليس هذا من مسألة الضد»[3]. (انتهى حاصل كلامه)
أقول: الأمر بالقطع ليس للوجوب، وإنَّما هو وارد في مقام توهّم الحظر، باعتبار أنَّ المركوز في الأذهان حرمة قطع الصَّلاة. وعليه، فالأمر لبيان الرُّخصة فقط، أي يجوز قطعها للأمور المذكورة في الصَّحيحة.
وبالجملة، فالأمر بالقطع لا يناقض الأمر بالمضي. ثمَّ إنَّه ذكرنا في مبحث الضدّ كيفيَّة تصحيح عباديَّة الضدّ الخاصّ، بالترّتب.
والخلاصة: أنَّ ما ذكره صاحب الحدائق (رحمه الله) من عدم البطلان هو الصَّحيح.

ثمَّ إنَّ ما ذكره الشَّهيدان (رحمهما الله) وغيرهما من الأعلام: من وجوب قطع الصَّلاة فيما لو خاف تلف المال المحترم، ليس على إطلاقه، إذ لا يجب حفظ المال وإن عَظُم، ما لم يدخل تحت الإسراف والتبذير والسَّفه، ونحوها.
هذا، وقد استشكل صاحب الحدائق على كلام الشَّهيدين (رحمهما الله) من جهة أخرى قال: «وأمَّا ما ذكراه في صورتي الإباحة والكراهة فمحلّ إشكال، لأنَّ الدليل قد دلَّ على تحريم القطع، كما قدمنا بيانه، ولا يجوز الخروج عنه إلَّا بدليلٍ ظاهر الدَّلالة على الجواز (إلى أن قال): وما ذكر من التمثيل بالحيَّة التي لا يغلب على الظّنّ أذاها، وإحراز المال الذي لا يضر فوته، لا دليل عليه، والقطع للحيَّة في الخبر الأوَّل وقع مقيَّداً بخوفه على نفسه، وأمَّا المال فإنَّ المفهوم من الروايتَيْن كونه ممَّا يعتدّ به، ويضرّ بالحال فوته، فيكون القطع في الموضعين داخلاً تحت القطع الواجب»[4]. (انتهى كلامه)
ويرد عليه: أنَّ عمدة دليل حرمة القطع -على القول به- هو الإجماع وهو دليل لبّي يُقتصر فيه على القدر المتيقّن، وهو غير موارد الضّرورة العرفيّة، وعليه، فلا تحتاج إلى دليلٍ لإثبات جواز القطع في الموارد التي ذكرها الشَّهيدان (رحمهما الله)، بل يكفي الأصل. اللهمَّ إلَّا إذا لم تصدق الضّرورة العرفيّة على الموارد التي ذكرها الشّهيدان، كما هو الإنصاف في المورد الذي جعلوه من قسم المكروه، أي ما كان القطع لأجل إحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفوته، خصوصاً مع تمثيلهم له بالحبَّة والحبتين من الحنطة كما في المسالك، حيث لا يعدّ مثله ضرورة في العرف، ولا مصداقاً عرفيّاً للضَّرر المنفيّ في الشَّرع. وعليه، فيكون ملحقاً عرفاً بالقطع اختياراً، بلا ضرورة مقتضية له.

ثمَّ إنَّه يدلّ على جواز القطع عند الخوف من الحيَّة، ونحوها، وبل وكذا عند الخوف من ترتّب ضرر دنيويّ يعتدّ به -مضافاً إلى الأصل- بعض الرِّوايات الخاصَّة:
منها: صحيحة حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: «إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاماً لك قد أبقَ، أو غريماً لك عليه مال، أو حيَّة تتخوّفها على نفسك، فاقطع الصَّلاة، فاتبع غلامك أو غريمك، واقتل الحية»[5]. ورواها الكليني عن محمَّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمَّاد بن عيسى عن حريز، عمَّن أخبره عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ولكنَّها بطريق الكليني ضعيفة بالإرسال، وبجهالة محمَّد بن إسماعيل البندقي النيشابوري. نعم، هي صحيحة بطريق الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله).
ومنها: موثَّقة سماعة قال: «سألته عن الرَّجل يكون قائماً في الصَّلاة الفريضة، فينسى كيسه، أو متاعاً يتخوَّف ضيعته أو هلاكه، قال: يقطع صلاته ويحرز متاعه، ثمَّ يستقبل الصَّلاة، قلتُ: فيكون في الفريضة، فتغلب عليه دابّة، أو تغلب دابته، فيخاف أن تذهب، أو يصيب فيها عَنَت، فقال: لا بأس بأن يقطع صلاته، ويتحرَّز ويعود إلى صلاته»[6].
وهاتان الرِّوايتان، وإن لم تكونا ظاهرتين في الإعادة من رأس بعد الإتيان بتلك الأشياء، إذ من الجائز بناؤه على ما مضى إلَّا مع وقوع أحد المبطلات في البين من كلام عمداً أو استدبار أو نحو ذلك، إلَّا أن يدعى -كما ليس ببعيد- أنَّ القطع إنَّما يطلق على الإبطال خاصّة، ولهذا سمّوا مبطلات الصَّلاة قواطع في عبارتهم، والله العالِم بحقائق أحكامه. هذا تمام الكلام في القواطع.

أما الكلام في صلاة الجمعة فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الحدائق الناضرة: ج9، ص103.
[2] وسائل الشيعة: باب 21 من أبواب قواطع الصلاة، ح1.
[3] جواهر الكلام: ج11، ص128.
[4] الحدائق الناضرة: ج9، ص103.
[5] وسائل الشيعة: باب 21 من أبواب قواطع الصلاة، ح1.
[6] وسائل الشيعة: باب 21 من أبواب قواطع الصلاة، ح2.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1550
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 22-03-2018
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28