• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : نوافل الصلاة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس15 _نوافل الصلاة 12 .

الدرس15 _نوافل الصلاة 12

وفي بعض الأخبار أنَّ المكلَّف مخيَّر بين الفَصْل والوَصْل:

منها: صحيحة يعقوب بن شُعَيب «قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التسليم في رِكْعَتَيْ الوتر؟ فقال: إن شِئْتَ سلَّمْتَ، وإن شِئْتَ لم تسلِّم»[i]f100،  ومثلها صحيحة معاوية بن عمَّار[ii]f101.

وأجاب عنهما الشيخ في التهذيب تارةً بالحمل على التقيَّة، وتارةً بأنَّ السلام المخيَّر فيه هو «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، الواقعة بعد «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين»، لأنَّ بــــ «السلام علينا» يتحقَّق الخروج من الصَّلاة، فإن شاء أتى بالصيغة الأخرى، وإن شاء تركها، وتارةً بأنَّ المراد بالتسليم ما يُستباح به من الكلام وغيره، تسمية للمسبَّب باسم السبب، وفي مجمع البرهان: «الجمع بالتخيير حسن، كما هو مذهب العامَّة».

وفي المدارك: «لو قيل: بالتخيير بين الفصل والوصل واستحباب الفصل، كان وجهاً قويّاً»، وذهب السيد الخوئي إلى التخيير بين الفصل والوصل، ولكنّ الفصل أفضل.

والإنصاف: هو الحمل على التقيَّة، لِمَا عرفت من كون الأخبار الدَّالة على الفصل قريبة من التواتِر، بل لعلَّها متواترة، فتكون الأخبار المقابلة لها يراد منها التعريض بأبي حنيفة، وأصحابه القائلين بالوصل.

ولا ينافي ما قلناه وجوبُ الوصل عند أبي حنيفة لا التخيير، لعدم انحصار مذاهبهم فيه، بل لعلّ مقتضى الحمل المزبور من الشيخ وجود قولٍ لهم بالتخيير.

ويؤيِّد ما قلناه، بل يدل عليه: أنَّ جميع المتقدِّمِين لم يعملوا بالتسوية بين الفصل والوصل في الصحيحَيْن المتقدمَيْن، وإنَّما كان ذلك من بعض المتأخرين، وقد عرفت أنَّ إعراض جميع المتقدمِين عن رواية صحيحة يوجب وهنها، والله العالم.

(1) هذه الصَّلاة أرسلها الشيخ في المصباح عن زيد بن ثابت «قال: أتى رَجُلٌ من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله صلى الله عليه وآله، إنَّا نكون في هذه البادية بعيداً من المدينة، ولا نقدر أن نأتيك في كلِّ جمعة، فدُلَّني على عَمِلٍ فيه فَضْل صلاةِ الجُمُعة إذا مضيت إلى أهلي خبَّرتهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان ارتفاع النَّهار فصلِّ ركعتَيْن تقرأ في أوَّل ركعةٍ الحمدَ مرَّةً، و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق سبعَ مراتٍ، واقرأ في الثانية الحمد مرةً واحدةً، و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس سبعَ مراتٍ، فإذا سلَّمت فاقرأ آية الكرسي سبعَ مراتٍ، ثمَّ قُمْ فصلِّ ثمانيَ ركعاتٍ بتسليمتَيْن، واقرأ في كلِّ ركعةٍ منها الحمد مرةً، و﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح مرةً، و﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد  ﴾ خَمْساً، وعشرين مرةً فإذا فرغت من صلاتك فقل: سُبْحَانَ الله رَبِّ العَرشِ الكَرِيمِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاَّ بالله العلِيِّ العَظِيمِ. سبعينَ مرَّةً، فوالذي اصطفاني بالنّبوّة ما من مؤمنٍ ولا مؤمنةٍ يصلِّي هذه الصَّلاة يوم الجمعة ­ كما أقول ­ إلاَّ وأنا ضامنٌ له الجنَّة، ولا يقوم مقامه حتَّى يُغفَر له ذنوبُه، ولأبويه ذُنوبُهما»[iii]f102.

ولا يخفى: أنَّ هذه الرواية ضعيفة بالإرسال.

وذكر بعض الأعلام: أنَّ المشهور أفتى بمضمون هذه الرواية، وفي مفتاح الكرامة: «قدِ استثناها جمهور الأصحاب»، وفي الجواهر: «لا أجد أحداً أنكرها على البتّ»، وفي السرائر: «أنَّ فيها ­ أي: صلاة الأعرابي ­ روايةً إن ثبتت لا تتعدَّى» وذكر بعض الأعلام: أنَّه يكفي في ثبوتها قاعدة التسامح في أدلَّة السنن.

أقول: قد ذكرنا في أكثر من مناسبةٍ أنَّ عمل المشهور لا يجبُر ضعف السند، مضافاً إلى أنَّ الصغرى غير ثابتة، إذ لم يثبت أنَّ مشهور المتقدِّمِين أفتى بمضمونها، بل ثبت العدم، كيف ولا أثر لها إلاَّ ما ذكره الشيخ في مصباحه، وهو آخر المتقدمِين؟!.

وأمَّا قول صاحب مفتاح الكرامة: «أنَّ جمهور الأصحاب استثناها» فلا أثر لهذا الكلام، لعدم حجيَّته.

وأمَّا «قاعدة التسامح في أدلَّة السنن»: فقد عرفت أنَّ بعض أخبار «مَنْ بلغ»، وإن كان صحيح السند، إلاَّ أنَّه لا يُستفاد منه ما ذكروه، بل غايته الإرشاد إلى حُسْنِ الانقياد.

وعليه، فمقتضى الإنصاف عدم ثبوت هذه الصلاة، إلاَّ أنَّه لا بأس بالإتيان بها رجاءً.

وأمَّا كيفية هذه الصَّلاة، فقد قال صاحب الجواهر ­ بعد ذكر المرسلة ­: «وظاهره أنَّها عشرُ ركعاتٍ بثلاثِ تسليماتٍ، وقال غيرُ واحدٍ: إنَّها كالصُبْح والظهرَيْن، فإن أراد به ما ذكرنا كان جيداً، وإن أراد به بحيث يشمل التشهُّد الوسط في الرباعيتَيْن منها، ونحوه ­ كما يُفهم من الروضة ­ طُولِب بدليلِ ذلك».

أقول: مرادُ الأعلام ­ والله العالم ­ من كونها كالظهرَيْن، هو اشتمالها على التشهُّد عقيب كلِّ ركعتَيْن، لأنّ المعهود عند المتشرّعة هو كون التسليم في الصّلاة عقيب التشهد، ولا يوجد عندنا تسليم يكون مباشرة بعد رفع رأس المكلّف من السجود.

وبالجملة: فهذا هو المعهود في الشريعة، وكما لا يحتاج إلى إثبات سجدتَيْن في كلّ ركعة من هذه الركعات العشر إلى دليل سوى معهوديته في الشريعة، كذلك في التشهد عقيب كلّ ركعتَيْن، والله العالم، هذا كلّه بالنسبة لصلاة الأعرابي.

وأمَّا ركعة الاحتياط: فسيأتي الكلام عنها ­ إن شاء الله تعالى ­ في مبحث شكوك الصَّلاة.

وأما صلاة الغدير: قال ابن طاووس: «ذكر صفة هذه الصلاة في ليلة الغدير، وهي اثنتا عشرة ركعة لا يسلّم إلاّ في أخراهن، ويجلس بين كلِّ ركعتَيْن، ويقرأ في كلِّ ركعة الحمد وقل هو الله أحد أحد عشر مرة، وآية الكرسي مرةً، فإذا أتيت الثانية عشرة فاقرأ فيها الحمد سبعَ مراتٍ، وقل هو الله أحد سبعَ مراتٍ، واقنُت....»[iv]f103، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

وهناك أيضاً: بعض الصلوات يسلَّم فيها في الركعة الرابعة ونحو ذلك.

ولكنَّ هذه الروايات ­ الواردة فيها تلك الكيفيَّات ­: ضعيفة بالإرسال.

(1) تقدَّم الكلام بالتفصيل حول هذه المسألة قبل قليل عند قول المصنف: «وكلّ النوافل تصلّى ركعتَيْن بتشهدٍ وتسليمٍ...»، فراجع.

 

[i] الوسائل باب 15 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح16.

[ii] الوسائل باب 15 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح17.

[iii] مصباح المتهجِّد: ص229 طبعة الأعلمي.

[iv] إقبال الأعمال: الفصل الخامس، ممَّا يختص بعيد الغدير في ليلته ويومه، ص725.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=15
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 12-02-2014
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12