• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث التشهد والتسليم / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس 552 _ التشهد والتسليم 19 .

الدرس 552 _ التشهد والتسليم 19

وأمَّا الخروج من الصَّلاة بصيغة «السَّلام عليكم»: فبإجماع الأمة، فإنهم لا يختلفون في ذلك، كما حكاه المحقّق في المعتبر، ولمعلوميّة الخروج به بين الأمّة كافّة، كما اعترف به المصنّف (رحمه الله) في الذّكرى، وادعى في الجواهر: «تواتر القول والفعل به...». (انتهى كلامه)، وقيل: يتعيَّن الخروج بالسلام عليكم، وهو قول أكثر القائلين بوجوب التسليم. وبالجملة، إنَّ هناك تسالماً بين الأعلام قديماً وحديثاً على جواز الخروج من الصَّلاة بصيغة «السَّلام عليكم»، ولم ينقل الخلاف فيه عن أحد، سوى ما حكي عن جامع ابن سعيد: من القول بتعيُّن السَّلام علينا للخروج. قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الذكرى -تعليقاً على قول ابن سعيد-: «وفي هذا القول خروج عن الإجماع، من حيث لا يشعر قائله ...». (انتهى كلامه)

أقول: ممّا يدلّ على الخروج بهذه الصّيغة -مضافاً للتسالم بين الأعلام- إطلاقات التسليم، وهي كثيرة جدّاً. وقد عرفت سابقاً احتمال اختصاصها بصيغة «السَّلام عليكم» فضلاً عن شمولها لها. وقدِ استدلّ أيضاً ببعض الرّوايات الخاصّة:
منها: صحيحة الفضلاء الواردة في صلاة النّبيّ (صلى الله عليه وآله) في المعراج، وهي طويلة جدّاً، حيث ورد فيها: «فقال لي: يا محمَّد! سلّم، فقلت: السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...»[1].
ومنها: رواية أبي بكر الحضرمي المتقدّمة قال: «قلتُ له: إنّي أصلّي بقوم، فقال: سلّم واحدة، ولا تلتفت، قل: السَّلام عليك أيُّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته، السَّلام عليكم»[2]، هذه الرواية ضعيفة بالإضمار.
ومنها: ما ذكره المحقّق (رحمه الله) في المعتبر، نقلاً من جامع البزنطي  عن عبد الله بن أبي يعفور قال: «سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن تسليم الإمام وهو مستقبل القبلة، قال:  يقول: السَّلام عليكم»[3]. هذه الرواية ضعيفة بالإرسال، لأنَّ المحقّق (رحمه الله) لم يذكر طريقه إلى جامع البزنطي.
والخلاصة إلى هنا أنه لا إشكال ولا ريب في الخروج بصيغة «السَّلام عليكم» من الصلاة.

وأمَّا الخروج من الصَّلاة بصيغة «السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين»، فقد ذكر الشهيد الأول (رحمه الله) في الذّكرى: «أنَّه ممَّا لم ينكرها أحد من الإماميَّة». (وفي موضع آخر من الذّكرى) أنَّه قال: «إنَّ انقطاع الصَّلاة بـالسَّلام علينا دلّ عليه الأخبار، وكلام الأصحاب». (انتهى كلامه)، وحُكي عن الشَّيخ الطوسي (رحمه الله) في التهذيب أنَّه قال -في مسألة صلاة الوتر-: «إنَّ عندنا أنَّ مَنْ قال: السَّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين فقد انقطعت صلاته ...». (انتهى كلامه)، وظاهره دعوى الإجماع عليه. وقال المصنِّف هنا -أي الدّروس-:  «إنَّ أكثر القدماء على الخروج بقول: السَّلام علينا إلى آخره، وعليها معظم الرّوايات، مع فتواهم بندبها ...». (انتهى كلامه). هذا، وقد عرفت سابقاً أنَّ يحيى بن سعيد ذهب إلى تعيُّن الخروج بها، وذكر المصنِّف (رحمه الله) في البيان: «أنَّ السَّلام علينا لم يوجبها أحد من القدماء، وأنَّ القائل بوجوب التسليم بجعلها مستحبَّة، كالتسليم على الأنبياء والملائكة، غير مخرجة من الصَّلاة؛ والقائل بندب التسليم يجعلها مخرجة ...». (انتهى كلامه)، وهو مخالف لما ذكره في الذّكرى. ويقتضي طرح النصوص الآتية الدَّالة على الخروج بها، مع أنَّه لا سبيل إلى ردِّها، وبهذه النصوص أيضاً يظهر لك ضعف القول بانحصار المخرج في السَّلام عليكم كما نسب إلى أكثر القائلين بوجوب التسليم.

إذ عرفت ذلك فنقول: قدِ استفاضت الأخبار بحصول الخروج من الصَّلاة بصيغة «السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين»:
منها: موثَّقة أبي بصير المتقدِّمة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا نسي الرَّجل أن يسلِّم، فإذا ولَّى وجهه عن القبلة، وقال: السَّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فقد فرغ من صلاته»[4]، هذه الرواية ضعيفة بمحمَّد بن سنان.
ومنها: روايته الأخرى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا كنت إماماً فإنّما التسليم أن تسلِّم على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) السَّلام، وتقول: السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، فإذا قلت ذلك فقدِ انقطعت الصَّلاة...»[5].
ومنها: صحيحة الحلبي المتقدّمة أيضاً قال: «قال أبو عبد الله (عليه السلام): كلّ ما ذكرت الله عزَّوجل به والنّبيّ صلى الله عليه وآله فهو من الصَّلاة، وإن قلتَ: السَّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين، فقدِ انصرفت»[6].
ومنها: رواية أبي كهمس المتقدِّمة، حيث ورد في ذيلها ولكن إذا قلت: «السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، فهو الانصراف»[7]، هذه الرواية ضعيفة لعدم وثاقة أبي كهمس، وبجهالة عليّ ين يعقوب الهاشمي، ورواها الشَّيخ الصّدوق (رحمه الله) في الفقيه، بإسناده إلى أبي كهمس، وإسناده إليه أيضاً ضعيف لوجود الحكم بن مسكين في الطريق، وهو مهمل، وعبد الله بن علي الزرَّاد، وهو مجهول .
ومنها: حسنة ميسر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «شيئان يفسد النَّاس بهما صلاتهم، قول الرَّجل: تبارك اسمك وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك، وإنَّما هو شيء قالته الجنُّ بجهالة، فحكى الله عنهم، وقول الرَّجل: السَّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين»[8]، أي: في التشهُّد الأوّل. وثعلبة بن ميمون ممدوح جدّاً، والمراد بميسر إنْ أُطلق هو ابن عبد العزيز النخعي المدائني بياع الزطّي، وهو ثقة.
ومنها: مرسلة الشَّيخ الصَّدوق في الفقيه قال: «قال الصَّادق (عليه السلام): أفسد ابن مسعود على النَّاس صلاتهم بشيئين: بقوله: تبارك اسم ربِّك، وتعالى جدّك، وهذا شيء قالته الجنّ بجهالة، فحكى الله عنها، وبقوله: السَّلام علينا وعلى عباد الصالحين، يعني في التشهُّد الأوَّل»[9]، هذه الرواية ضعيفة بالإرسال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الوسائل باب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح10.
[2] الوسائل باب 2 من أبواب التسليم ح9.
[3] الوسائل باب 2 من أبواب التسليم ح11.
[4] الوسائل باب 3 من أبواب التسليم ح1.
[5] الوسائل باب 2 من أبواب التسليم ح8.
[6] الوسائل باب 4 من أبواب التسليم ح1.
[7] الوسائل باب 4 من أبواب التسليم ح2.
[8] الوسائل باب 12 من أبواب التشهد ح1.
[9] الوسائل باب 12 من أبواب التشهد ح2.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1424
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 29-11-2017
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12