• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : نوافل الصلاة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس14 _نوافل الصلاة 11 .

الدرس14 _نوافل الصلاة 11

وأمَّا الإشكال من الجهة الثانية: وهو أنَّ نفي الجزئيَّة أو المانعيَّة لا يثبت الأمر بالركعة الواحدة، أو الزائد على الركعتين، إلاَّ على القول بالأصل المثبت.

فيرد عليه: أنَّه لا محلّ للأصل المثبت هنا، وذلك لأنَّنا نعلم بثبوت المستحبّ، وإنَّما نشكُّ في إطلاقه أو تقييده، وبما أنَّ البراءة لا تجري في الإطلاق، لما ذكرنا في أكثر من مناسبة من أنَّ الإطلاق توسعة على المكلف، فلا امتنان في رفعه، بخلاف التقييد، فإنَّ فيه تضييق، فنُجري البراءة فيه بلا معارض.

وعليه، فإذا نفينا احتمال الجزئيّة أو المانعيّة بالأصل، فلا يكون الحكم المطلق لازماً عقلاً لنفي الجزئيّة أو المانعيّة، بل هو ثابت بالأمر المتعلِّق بالنافلة، لِمَا عرفت من أنَّ الأمر متعلِّق بالطبيعة، وإنَّما الشك في الإطلاق والتقييد، وقد عرفت أنَ الإطلاق ثابت لعدم جريان الأصل فيه، فكيف نثبته عقلاً بأصالة عدم التقييد؟!.

والخلاصة: أنَّه لا إشكال في جريان البراءة الشرعيَة في حدِّ ذاتها، ولكن مع ذلك فإنَّها لا تجري هنا، لوجود الدليل الاجتهادي، فيكون رافعاً لها، وحاكِماً عليها.

وحاصل هذا الدليل: هو الإطلاق المقامي، فإنَّ ما ورد في الأمر بالنافلة في أكثر النصوص لم يتعرَّض فيه لكيفيَّة معيَّنة فيها حتَّى الذي ورد بعدد مخصوص كأربعٍ أو ثمانٍ أو عشرٍ أو غير ذلك، فإنه لم يبيّن ما إذا كان لكل ركعتين تشهد وتسليم، وما ذلك إلاَّ لأنَّ النافلة عند الناس هي ركعتان بتسليم، ولولا ظهور ذلك عند المتدينين ووضوحه وتعارفه لم يحسُن من الشارع المقدّس ترك التعرُّض له.

وبالجملة: فإنك لا تكاد تظفر برواية معتبرة ذكرت كيفيَّة النافلة، من حيث كونها ركعتَيْن بتسليم إلاَّ القليل جدّاً، وما ذلك إلا اعتماداً على هذا الظهور.

ويؤيِّد هذا الظهور: أنَّ النوافل الرواتب ركعتان بتسليم، وكذا الفرائض في أصل التشريع، وإلاَّ فالزيادة جاءت من النبي صلى الله عليه وآله، وكذا صلاة الصُبْح والجُمُعة والعيدَيْن والآيات، فإنها كلّها ركعتان بتسليم.

ونظير ذلك في الفِقه ليس بعزيز، فقد ذكر الشيخ الأنصاري في المعاملات: «أنَّ القاعدة المستفادة من إطلاقات أدلَّة الضمان في المغصوبات والأمانات المفرَّط فيها، وغير ذلك، هو الضمان بالمثل، لأنَّه أقرب إلى التالف من حيث الماليَّة والصفات، ثمَّ بعده قيمة التالف ­ إلى أن قال: ­ ولأجل الاتِّكال على هذا الظهور لا تكاد تظفر على مورد واحد من هذه الموارد ­ على كثرتها ­ قد نصَّ الشارع فيها على ذكر المضمون به، بل كلّها ­ إلاَّ ما شذّ وندر ­ قد أطلق فيها الضمان، فلولا الاعتماد على ما هو المتعارف لم يحسن من الشارع إهماله في موارد البيان...».

والخلاصة: أنَّه لا يجوز الإتيان بالنافلة ركعةً ركعةً، أو زائدةً على الركعتَيْن، من غير فصل بتشهُّد وتسليم في كل ركعتَيْن، إلاَّ ما ورد فيه نصٌّ خاصٌّ، كالوتر وركعة الاحتياط، وصلاة الأعرابي، وصلاة الغدير، وسنتعرض لها ­ إن شاء الله تعالى ­، تبعاً لِمَا يذكره المصنِّف.

(1) فإنَّه ليس بركعتَيْن جزماً، بل هو إمَّا موصول بالشَّفْع على أنْ يكون ثلاثَ ركعاتِ بتسليمة، كما هو مذهب أبي حنيفة، أو مفصول عنه على أن يكون ركعةً واحدةً، كما هو المشهور بين الأعلام، ومنهم المصنِّف هنا وفي الذكرى، حيث قال: «أنَّه أشهر الروايات»، بل في المدارك: «والمعروف من مذهب الأصحاب أنَّ الركعة الثالثة مفصولة عن الأوليين بالتسليم...»، وعن المنتهى: «أنَّه مذهب علمائنا»، وفي المحكي عن التذكرة: «الوتر عندنا واحد لا يزاد عليها، وما يصلّى قبلها ليس من الوتر» وفي المحكي عن الخلاف: «صريح الإجماع عليه»، كما عن الأمالي: «الشفع ركعتان، والوتر واحدة من دين الإمامية».

ويدلُّ عليه ­ مضافاً إلى ذلك ­ جملة من الأخبار:

منها: صحيحة أبي بصير المتقدِّمة، حيث ورد في الذَّيْل «والوتر ثلاث ركعات مفصولة»[i]f95.

ومنها: صحيحة أبي ولاَّد حفص بن سالم الحنَّاط «قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التسليم في ركعتَيْ الوتر فقال: نعم، وإن كانت لك حاجة فاخرُج واقضها، ثمَّ عُدْ واركع ركعةً»[ii]f96.

ومنها: صحيحة أبي ولاَّد الثانية عن أبي عبد الله عليه السلام «قال: لا بأس أنْ يصلِّي الرَّجلُ الركعتَيْن من الوتر، ثمَّ ينصرف، فيقضي حاجتَه»[iii]f97.

ومنها: صحيحة معاوية بن عمَّار «قال: قال لي: اِقرأْ في الوترِ في ثلاثَتِهن بقُل هو الله أحد، وسلِّم في الركعتَيْن تُوقِظ الراقد، وتأمر بالصَّلاة»[iv]f98، وكذا غيرها من الروايات التي لا يبعد تواترها.

ولكن ورد في رواية واحدة أنَّ الوتر ثلاثُ ركعاتٍ متصلة، أي: بتسليمة واحدة، رواها كردويه الهمداني «قال: سألتُ العبدَ الصالح عليه السلام عن الوتر، فقال: صله»[v]f99 ولكنَّها ضعيفة، لعدم وثاقة كردويه الهمداني.

 

[i] الوسائل باب 14 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح2.

[ii] الوسائل باب 15 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح1.

[iii] الوسائل باب 15 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح8.

[iv] الوسائل باب 15 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح7.

[v] الوسائل باب 15 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح18.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=14
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 11-02-2014
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12