• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : قضاء الصلوات / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس127 _قضاء الصلوات 25 .

الدرس127 _قضاء الصلوات 25

(1) قال المصنِّف رحمه الله في الذكرى: «لو قلنا بعدم قضاء الوليّ ما تركه الميّت عمداً، أو كان لا ولّي له، فإن أوصى الميّت بفعلها من ماله أُنفِذ، وإن ترك فظاهر المتأخِّرين من الأصحاب عدم وجوب إخراجها من ماله، لعدم تعلّق الفرض بغير البدن، خالفناه مع وصيّة الميّت، لانعقاد الإجماع عليه، بقي ما عداه على أصله؛ وبعض الأصحاب أوجب إخراجها كالحج، وصبّ الأخبار التي لا وليّ فيها عليه».

ثمَّ ذكر المصنِّف رحمه الله حسنة زرارة الطويلة الواردة في الزّكاة، والتي فيها «قُلْتُ لأبي عبد الله عليه السلام: إِنَّ أَبَاكَ قَالَ: مَنْ فَرَّ بِهَا مِنَ الزَّكَاةِ فَعَلَيْه أَنْ يُؤَدِّيَهَا، فقَالَ: صَدَقَ أَبِي، إنّ عَلَيْه أَنْ يُؤَدِّيَ مَا وَجَبَ عَلَيْه، ومَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْه فَلَا شَيْءَ عَلَيْه فِيه، ثُمَّ قَالَ لي: أرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً أُغْمِيَ عَلَيْه يَوْماً، ثُمَّ مَاتَ فَذَهَبَتْ صَلَاتُه، أكَانَ عَلَيْه ­ وقَدْ مَاتَ ­ أَنْ يُؤَدِّيَهَا؟ قُلْتُ: لَا، قال: إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَفَاقَ مِنْ يَوْمِه»[i]f713.

ثمَّ قال المصنِّف رحمه الله: «فظاهره أنَّه يؤدّيها بعد موته، وهو إنَّما يكون بولِيِّه، أو ماله، فحيث لا وليّ تُحمل على المال، وهو شامل لحالة الإيصاء وعدمه».

أقول: هذه الحسنة، وإن كانت مطلقة بالنسبة إلى القاضي، إلاَّ أنّها محمولة على الأخبار الدَّالة على أنَّ القضاء إنَّما هو على أولى النَّاس بميراثه.

نعم، إذ أوصى بالقضاء عنه فتُخرج من ثلث ماله، إلا إذا أجاز الورثة أن تُخرج من مالهم، ومع عدم الوصيّة لا تُخرج من أصل المال إذ لا دليل عليه، لأنّ الذي ثبت بالدليل إخراجه من أصل المال إنّما هو الديون المالية وفريضة الحجّ.

وأمَّا الديون المالية فيكفي قوله تعالى: « مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ..﴾ ]النساء: 12[، أي: الميراث بعد الوصية، وبعد الدَّين.

وأمَّا الأخبار فكثيرة:

منها: معتبرة السَّكوني عن جعفر عن أبيه J «قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنَّ أوَّل ما يبدأ به من المال الكفن، ثمَّ الدين، ثمَّ الوصيَّة، ثمَّ الميراث»[ii]f714.

وأمَّا الحجَّ فيدلّ على خروجه من أصل المال روايات كثيرة ذكرناها في باب الحجّ، منها موثَّقة سماعة «قال: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن الرَّجل يموت، ولم يحجّ حجّة الإسلام، ولم يوصِ بها وهو مُوسِر، فقال: يحجّ عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك»[iii]f715.

وأمَّا غير ذلك ­ ومنه الصَّلاة والصَّوم ­ فلا دليل على وجوب إخراجه من أصل المال؛ نعم، نقل المصنِّف رحمه الله عن بعض الأصحاب إخراجه من أصل المال.

وقد يستدل بغير حسنة زرارة المتقدِّمة: بأنَّ الصَّلاة دَيْن، ودَيْن الله أحقّ أن يُقضى.

وأمَّا الصغرى ­ أي: إن الصلاة دين ­ فقيل يدل عليها عدَّة من الأخبار:

منها: رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «قال: قلتُ له: رجل عليه دَيْن من صلاةٍ، قام يقضيه، فخاف أن يدركه الصبح، ولم يصلّ صلاة ليلته تلك، قال: يؤخِّر القضاء، ويصلّي صلاة ليلته تلك»[iv]f716.

وفيها أوَّلاً: أنَّها ضعيفة السند بالإرسال، لأنَّ ابن طاووس رحمه الله لم يذكر طريقه إلى حريز في كتابه غياث سلطان الورى لسكان الثرى.

وثانياً: أنَّ إطلاق الدَيْن على الصَّلاة لم يقع في كلام الإمام عليه السلام إنَّما وقع في كلام زرارة.

ويحتمل جدّاً أن يكون إطلاق الدَيْن على الصَّلاة مجازاً توسّعاً، لا حقيقة.

ومنها: رواية حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام «في إخباره عن لقمان، وإذا جاء وقت الصَّلاة فلا تُؤخِّرها لشيء، صلِّها واسترح منها، فإنَّها دَيْن»[v]f717، وهي ضعيفة سنداً ودلالةً.

أمَّا سنداً: فهي ضعيفة بالقاسم بن محمَّد الأصفهاني، فإنَّه مجهول.

وأمَّا دلالةً: فإنّ الإطلاق وقع في كلام لقمان، لا في كلام الإمام عليه السلام، ومجرد حكاية الإمام عليه السلام لذلك لا يكشف عن إمضائه لهذا الإطلاق.

وعليه، فلم يثبت إطلاق الدَّيْن حقيقةً على الصَّلاة.

ثمَّ إنَّه على فرض ثبوت الإطلاق إلاَّ أن الكبرى غير ثابتة، وهي أنَّ كلّ ما يطلق عليه أنه دَين يُخرج من الأصل، إذ غاية ما يمكن أن يستدلّ للكبرى بدليلَيْن:

الدليل الأوَّل: رواية الخَثْعَمِيَّة «لَمَّا سألتْ رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله! إنَّ أبي أدركته فريضة الحجّ شيخاً زَمِناً، لا يستطيع أن يحجّ، إنّ حججت عنه أينفعه ذلك؟ فقال لها: أرأيتِ لو كان على أبيك دين، فتقضيه، أكان ينفعه ذلك، قالت: نعم، قال: فدَين الله أحقّ بالقضاء»[vi]f718.

وفيها أوَّلاً: أنَّها ضعيفة السند، حيث لم ترد من طرقنا، وإنَّما هي مرويّة بالأصل في كتب العامَّة.

وثانياً: على فرض كون إطلاق الدَّين على الحجّ الذي هو واجب بدني إطلاقاً حقيقيّاً، وليس إطلاقاً مجازيّاً ادعائياً توسعيّاً، إلاَّ أنَّه لا يستفاد منها الإخراج من الأصل، وإنَّما مفادها أنّ دَين الله سبحانه وتعالى أحقّ وأولى بالقضاء، فيكون ذلك ردّاً على ما اشتُهر من أرجحية حقوق الناس على حقوق الله تعالى.

وبالجملة فهي لا، تدلّ إلاّ على الاهتمام بذلك، وهذا يكون من وظيفة الوليّ، ولا تدلّ على الإخراج من الأصل إذا لم يوصِ بذلك.

الدليل الثاني: إطلاق الدَّيْن في قوله تعالى: « مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... ]النساء: 11[.

وفيه: أنَّ المراد بالدَّين ­ والله العالم ­ هو الدَّين المالي، إذ هو المناسب للإخراج من التركة قبل التقسيم، وإن شئت فقل: إنه يعتبر كون الخارج ­ وهو الدَين ­ والمخرَج عنه ­ وهو التركة ­ أن يكونا من سنخ واحد، كما في الديون المالية الخارجة، والمستثناة من التركة التي هي مال.

وأمَّا الواجبات البدنيَّة ­ كالصَّلاة والصَّوم ونحوهما ­: فليست مسانخة للتركة، فلا معنى لإخراجها، واستثنائها من التركة.

وأمَّا حجة الإسلام: فإنَّها، وإن كانت من الواجبات البدنيَّة، إلاَّ أنَّ إخراجها من أصل المال إنّما كان للنصِّ الخاصِّ، ولولا ذلك لكان مَثلها مَثَل الصَّلاة والصَّوم ونحوهما، والله العالم.

كان الانتهاء منه عصر يوم السبت 13 صفر سنة 1436 هجرية، الموافق لــــ 6 كانون أول، سنة 2014 مــــ، وذلك في بيروتَ الضاحيَّة الجنوبيَّة، منطقة الشياح، وأنا الأقل حسن بن علي الرميتي العاملي عامله الله بلطفه الخفي، فإنَّه أكرم المسؤولين، وأجود المعطين، وأرحم الراحمين، وخير الموفِقين.

 

[i] الوسائل باب 11 من أبواب زكاة الذهب والفضة ح5.

[ii] الوسائل باب 13 من أبواب الدين القرض ح2.

[iii] الوسائل كتاب الحج باب 28 من أبواب وجوبه وشرائطه ح4.

[iv] الوسائل باب 61 من أبواب المواقيت ح9.

[v] الوسائل باب 52 من أبواب آداب السفر إلى الحج وغيره ح1.

[vi] صحيح البخاري 5:222، صحيح مسلم 2:973 ح1334، سنن النسائي 5:116.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=128
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 07-01-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12