• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاصول العملية / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 105 _ قاعدة: الميسور لا يسقط بالمعسور 3 .

الدرس 105 _ قاعدة: الميسور لا يسقط بالمعسور 3

[قاعدة: الميسور لا يسقط بالمعسور]
 [مدرك القاعدة ثلاث روايات]
 [الرواية الثانية: ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه]

هذا وقد ذكر السيد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله): أنّه لا يمكن أن يراد من لفظه (كلّه) المذكورة في الفقرة الأولى العموم الاستغراقي لجميع الأفراد، أي لا يصحّ أن يراد منها الكلّي، سواء أريد من لفظة (كلّه) في الفقرة الثانية (لا يترك كله) العموم الاستغراقي -أي الكلّي- أو العموم المجموعي.
أمّا في الأوّل، إذ لا يعقل الحكم بوجوب الإتيان بكلّ فرد فرد مع تعذر الاتيان بكلّ فرد فرد.
وأمّا في الثاني، فأيضاً لا يعقل وجوب الإتيان بالمجموع مع تعذّر الاتيان بكلّ فرد فرد.

وفيه: أنّ ما ذكره في غير محلّه، لأنّه مبنيّ على الخلط بين سلب العموم وعموم السلب، فإنّ كلامه (رحمه الله) إنّما يصحّ إذا كان النفي في الرواية متعلّقاً بكلّ فردٍ من أفراد الطبيعي، كما في قولك: كلّ ذلك لم أفعل، وكما في قول أبي النجم:
                              قَدْ أَصْبَحَتْ أُمُّ الخَيَارِ تَدَّعي       عَلَيَّ ذنباً كُلُّهُ لَمْ أَصْنَعِ
بضمّ كلّه. وهذا هو عموم السلب.
وأمّا إذا كان النفي منصباً على العموم، كما في قولك: (لم أفعل كلّ ذلك)، فتكون دالّة على سلب العموم، وما نحن فيه كذلك، فإنّ الظاهر من الرواية كون النفي فيها منصباً على العموم، فيستفاد منها سلب العموم. ويكون حاصل الرواية: أنّ ما لا يدرك جميعه لا تترك جميعه، أي لا تجمع في الترك.

الأمر الثاني: الذي نوقش فيه من جهة الدلالة. حاصله: أنّ الموصول وهو «ما» في قولك: «ما لا يدرك كلّه» عام يشمل الواجبات والمستحبات، فلا بدّ حينئذٍ من أن يراد من «لا يترك» معنى عام، وهو مطلق الرجحان ­ لا الوجوب ­ ليناسب عمومية الموضوع، وإلاّ لزم وجوب الإتيان ببعض الميسور من المستحب الذي يعذّر بعض أجزائه.
ولكن الإنصاف: أنّ ظهور «لا يترك» في الوجوب موجب لتخصيص عموم الموصول بالواجب، لكون الذيل قرينة على الصدر، وليس ظهور الموصول في العموم قرينة على التصرف في ظهور «لا يترك» في الوجوب، لما مرّ من أنّ الذيل قرينة على الصدر، إذ للمتكلم أن يلحق ما شاء.

ثمّ إنّ ما ذكرناه، لا يفرّق فيه بين كون دلالة الموصول على العموم بالوضع أو بالاطلاق، لتقدم ظهور القرينة، ولو كان بالاطلاق على ظهور ذيها وإن كان بالوضع.
والخلاصة إلى هنا: إنّه لا إشكال في دلالة الرواية على المطلوب لولا ضعف السند. والله العالم.

[الرواية الثالثة: الميسور لا يسقط بالمعسور]
الرواية الثالثة: وهي ما في كتاب غوالي اللآلىء أيضاً، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه قال: «الميسور لا يسقط بالمعسور».
أمّا من حيث السند، فهي ضعيفة بالارسال ايضاً، وما ذكرناه سابقاً من عدم انجبار الرواية الضعيفة بعمل المشهور يأتي هنا، فلا حاجة للإعادة.
وأمّا من حيث الدلالة، فهي دالّة على المطلوب، حيث إنّها ظاهرة في أنّ ميسور كلّ شيء لا يسقط بمعسوره، الشامل بعمومه للأجزاء الميسورة من المركّب، ولا موجب لحملها على خصوص الميسور من الأفراد حتى تكون مختصّة بالكلّي الذي تحته أفراد.

ثمّ إنّ المراد من عدم سقوط الميسور عدم سقوطه بما له من الحكم الوجوبي أو الاستحبابي.
والوجه في ذلك: نظير قوله (عليه السّلام): في أخبار الاستصحاب الآتية ­ إن شاء الله تعالى ­: «لا تنقض اليقين بالشك»، فإنّ معناه عدم نقض المتيقن بما له من الحكم بالشكّ، ومن هنا يجري الاستصحاب في الأحكام الوجوبية والاستحبابية.

والوجه في كون المراد من عدم سقوط الميسور عدم سقوطه بما له من الحكم، هو تعارف التعبير عن مقام ثبوت الحكم، أو نفيه بثبوت موضوعه، أو نفيه كما في قاعدة لا ضرر الآتية. بناءً على ما سيأتي من كون المراد نفي الحكم الثابت للموضوع الضرري.

وممّا ذكرنا يندفع الإشكال الوارد في المقام، وهو أنّ قوله: «الميسور لا يسقط بالمعسور» إن كان دالاًّ على وجوب الميسور لزم خروج المستحبات عن عموم الميسور، لوضوح عدم وجوب الميسور من المستحبات التي تعذّر بعض أجزائها أو شرائطها.
وإن لم يدلّ على الوجوب، بل دلّ على مطلق الرجحان ليتلاءم مع عموم الميسور للواجبات والمستحبات، فلا يجب حينئذِ الاتيان بالباقي الميسور.

ولكن يندفع الإشكال بما ذكرناه، من كون المراد من عدم سقوط الميسور عدم سقوطه بما له من الحكم الوجوبي أو الاستحبابي، نظير قوله (عليه السّلام): «لا تنقض اليقين بالشك» كما تقدم.
والإنصاف: أنّه لولا ضعف السند، لكانت دالّة على المطلوب.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1151
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 12-09-2017
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12