• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاصول العملية / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 28 _ الاصول العملية: البراءة 26 .

الدرس 28 _ الاصول العملية: البراءة 26

وأمّا ما دلّ على المنع من متابعة ما لا يعلم مثل قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾. ففيه: أنّ الترخيص الظاهري استناداً إلى ما تقدم من الأدلّة لا يكون اتباعاً لما ليس به علم، كما لا يخفى. أضف إلى ذلك: أنّه يرد على جميع ما تقدم أنّها لو كانت مانعة من الترخيص الظاهري لمنعت من الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية الوجوبية، مع أنّ الإخباري لا يقول بوجوب الاحتياط فيهما، وهذا إشكال نقدي. والله العالم.

[الدليل الثاني: السنّة]
*قال صاحب الكفاية: وأمّا الأخبار فبما دلّ على وجوب التوقف عند الشبهة معللاًّ في بعضها بأن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة...*
أقول: قد استدلّ لوجوب الاحتياط بجملة من الروايات وهي على طوائف:
الطائفة الأولى: ما دلّ على وجوب التوقف فيما لا يعلم حكمه، وفيها روايات كثيرة:
منها: رواية أحمد بن الحسين الميثمي عن الرضا (عليه السّلام) -في حديث اختلاف الأحاديث- قال: «وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه، فنحن أولى بذلك، ولا تقولوا فيه بآرائكم، وعليكم بالكفّ والتثبت والوقوف، وأنتم طالبون باحثون، حتى يأتيكم البيان من عندنا»
[1]f59. وهي ضعيفة، لأنّ المسمعي الوارد في السند هو محمد بن عبد الله المسمعي غير موثق، بل ضعيف.
قال الشيخ الصدوق -بعد نقل هذا الخبر الطويل في عيون أخبار الرضا-: «كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد سيّء الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث، وإنّما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب، لأنّه كان في كتاب الرحمة، وقد قرأته عليه، فلم ينكره، ورواه لي». (انتهى كلامه).
ومنها: رواية جابر عن أبي جعفر (عليه السّلام) في وصيّة له لأصحابه، قال: «إذا اشتبه الأمر عليكم فقفوا، عنده وردّوه إلينا، حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فإذا كنتم كما أوصيناكم، لم تعدوه إلى غيره، فمات منكم ميّت من قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً، ومن أدرك قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدوّاً لنا كان له أجر عشرين شهيداً»
[2]f60. وهي ضعيفة أيضاً بعمرو بن شمر الجعفي الراوي عن جابر الجعفي، وكذا غيرهما من الروايات.
والجواب عن هذه الروايات: مضافاً لضعف أكثرها، أنّها ظاهرة فيما لو أمكن إزالة الشبهة بالسؤال، فلا تشمل ما نحن فيه، وهو فرض عدم إمكان إزالة الشبهة. والله العالم.

الطائفة الثانية: الروايات الدالّة على أنّ الوقوف عند الشبهة من الورع:
منها: مرفوعة أبي شعيب إلى أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: «أورع الناس من وقف عند الشبهة، الحديث»
[3]f61، وهي ضعيفة بالرفع.
ومنها: ما في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السّلام): «لا ورع كالوقوف عند الشبهة»
[4]f62، وهي ضعيفة بالإرسال، وكذا غيرها من الروايات.
وفيه: مضافاً لضعف أكثرها، أنّها ليست ظاهرة في وجوب التوقف عند الشبهة، بل ظاهرها استحباب ذلك ورجحانه، فلا تعارض ما دلّ على الترخيص في ارتكاب الشبهة.

الطائفة الثالثة: الروايات الكثيرة، بل المتواترة الدالّة على أنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام من الهلكة:
منها: رواية عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في حديث قال: «وإنّما الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتبع، وأمر بيّن غيّه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله. قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم». ثم قال في آخر الحديث: «فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات»
[5]f63. وسمّيت هذه الرواية بمقبولة عمر بن حنظلة، لتلقّي الأصحاب إيّاها بالقبول. لكن الإنصاف: أنّها ضعيفة، لعدم وثاقة عمر بن حنظلة.
ومنها: موثقة مسعدة بن زياد عن جعفر عن آبائه (عليه السّلام): «أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله)، قال: لا تجامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند الشبهة يقول: إذا بلغك أنّك قد رضعت من لبنها وأنّها لك محرم وما أشبه ذلك فإنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة»
[6]f64.

 

[1] وسائل الشيعة باب 12 من أبواب صفات القاضي، ح36.

[2] وسائل الشيعة، باب 12 من أبواب صفات القاضي، ح48.

[3] وسائل الشيعة، باب 12 من أبواب صفات القاضي، ح29.

[4] وسائل الشيعة، باب 12 من أبواب صفات القاضي، ح23.

[5] وسائل الشيعة، باب 12 من أبواب صفات القاضي، ح9.

[6] وسائل الشيعة، باب 157 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه، ح2.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1059
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 22-11-2016
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29